رضا البطاوى
عدد المساهمات : 3283 نقاط : 9745 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/07/2011
| موضوع: قراءة لمقال الظواهر الطبيعية .. هكذا رآها الأقدمون الثلاثاء مارس 05, 2024 5:37 am | |
| قراءة لمقال الظواهر الطبيعية .. هكذا رآها الأقدمون صاحب المقال قصي النعيمي وهو يدور حول مقولة كاذبة تقول : أن القدامى كانوا عندما يعجزون عن فهم ظاهرة كونية ما يقدمون تفسيرا خرافيا وكعادة الكتاب الذين ينقلون عن الأجانب يتبنى النعيمى وجهة النظر القائلة بأن الإنسان الأول كان جاهلا واستمرت الأجيال في زيادة التقدم المعرفى وهو يستهل بمقاله بالقول: "كسبت أعجوبة الحياة حُبَّ الإنسان منذ القدم .. مرت عقود طوال على البشرية، خاض فيها الإنسان غمار الخوف نحو المجهول، شق دياجي الخوف إلى النور، و سار في طريق الشغف ليقف على شفير المعرفة. و لكن رحلته الطويلة تلك كانت تستحق عنائه، لقد كسبت أعجوبة الحياة حُبَّه، و خَلَبَت نَواميسُ الكون لُبَّه. و هنا بدأ عصر جديد لينطلق فيه فضول البشري لأبعد الحدود و أقصاها، نحو عالم آخر من الألغاز و التساؤلات اللامتناهية، لكن تأمله في فَرائد الطبيعة لم يزده إلا حِيرةً و عَجَبا، و تَفَكُّرَهُ في ظواهر البيئةِ لم يُؤته تَفْسيرا و سَبَبا. فكانت أبواب الغيب مشروعة على مصراعيها لتشفي غَليلَ فُؤادِه و إلحاح فضوله، و تَغَشَّت تلك الظواهر و الفرائد بديجور الجهل و ظلمة الأساطير، بعضها انكشف الغشاء عنها فَتَبَدَّت ملامحها و أخرى لا تزال في غمرة من الخفايا و الأسرار. " وبالطبع ما تبناه النعيمى هي وجهة نظر خاطئة تخالف القرآن في كون الإنسان الأول كان عالما وبناء على علمه المأخوذ من الله كان متقدما علميا وتقنيا كما قال تعالى : " وعلم آدم الأسماء كلها " وقال : " علم الإنسان ما لم يعلم" وقص النعيمى بعض تفسيرات التي تنسب للأقوام القديمة وأولها أن سبب حدوث البراكين هو دق إله مزعوم على الأرض متسببا في انبعاث الحمم البركانية فقال : "في هذا المقال سأسرد شيئاً منها متمنيا أن ينال إعجابكم. البراكين فولكان يدق بمطرقته فتنبعث الحمم البركانية .. بدت له كالجحيم المتصاعد من دهاليز الأرض، نيرانها المُتفجِّرة التي لا تهدأ و شرارها المُتَوقِّد الذي لا يخبو، هكذا نظر الإنسان الأول للبراكين الثائرة، و هنا بدأت قصته معها فربطها بآلهته و مُعتقداته بل وبحياته وطبيعة مَعِيشَتِهِ. فيحكي الرومان القدماء عن إله يسمى فولكان الذي كان بالنسبة لهم إله النار و الحِدادة، عمل على إمداد الآلهة الأخرى بالخُوَذِ والنِّبال، حتى ذلك اليوم الذي أغضب فيه الإله جوبيتر فعاقبه بالنُّزول إلى الأرض بعد أن جعله كَسِيحَ القدين، هناك استقر فولكان في باطن الأرض يدق بمطرقته في ورشته الجديدة، ودون أي ملل أو كلل بدأ يستأنف عمله كحداد لينبعث الدخان و الحَميم من سندانه المتوهج نحو السطح دون فتور. هذه القصة كما رآها الرومان الأُوَائلْ و ربما هكذا رسخت في أذهان الأقدمين، أما اليوم فهي الفجوات التي تنبعث منها الأبخرة والصهارة من باطن الأرض نحو السطح بعوامل جيولوجية طبيعية." قطعا الخرافة ليست تفسيرا للبراكين وإنما ألفها الكهنة لتخويف الناس من غضب كبير الآلهة المزعوم إن هم عصوهم باعتبارهم وكلاء جوبيتر المزعوم إذا تلك الحكاية تخترع من الكهنة لصالح الكهنة وليس لتفسير ظاهرة البراكين والحكاية الثانية التي يقصها علينا هي تفسير العواصف وعنها قال النعيمى: "العواصف و الزوابع الرملية معركة الجن تهيج الرمال وتسبب العواصف .. بين كثبان الصحاري الشاسعة و تحت سياط الشمس الحارقة، حيث انقلبت الخرافة إلى حقيقة، هناك في الجزيرة العربية، بدت من الأفق هائِجَةً تَخُطُّ المفازة وتقطع المسافة، رآها العربي فَاقْشَعَرَّ لها بدنُه واَكْفَهرَّ لها وجهه، كانت تلك العواصف و الزوابع الرملية التي أصبحت بالنسبة له جزء من عالم الجن و الغيب. فكم قَصَّ علينا كبار السن عنها وكيف أن الجِنَّ إذا تعاركوا فيما بينهم هاجت بهياجِهُم الرمال وتحركت بصولَتِهُمُ الأرض والجبال، بل تزخر الخرافات الشعبة بقصص الذين اعترضوها فحَلَّ عليهم مسٌّ من الضر والسوء. وبالرغم من أن العلم فسرها و حلَّ عُقَدَ أسرارها إلا أنها مازالت هاجس الخوف بالنسبة للكثيرين، فتراهم يرددون العبارات و التعويذات كلما لمحتها أعينهم و قَرُبَت منها أجسادهم." قطعا ما زال الاعتقاد بأن الجن وراء العواصف موجودا من خلال كلمة فسية العفريت كتعبير عن أصل العاصفة ولكن الحقيقة أنها ليست تفسيرا لقيام العواصف لأن غرض الكهنة الذين اخترعوها واشاعوها هو : اخافة الناس من الجن والذين لا يقدر عليهم سوى الكهنة كما أشاعوا فالعملية لا تعدو أن تكون عملية استغلال لسذاجة العامة للخصول على أموالهم من خلال الزعم عن إرضاء الجن بالذبح لهم وتلبيسهم الذهب وغير ذلك وأما ظاهرة الصواعق فهى نتيجة قيام الإله المزعوم ثور بضرب أحد العمالقة بمطرقته كما يقص علينا النعيمى في قوله : "الصواعق تور يضرب أحد العمالقة بمطرقته .. دعونا نبتعد قليلا عن مركز العالم القديم إلى أقصى الشمال، على القمم الإسكندنافية الثلجية حيث تشكلت الأساطير النوردية فكانت المعتقد والتراث، هناك حيث البيئة الزاخرة بالخرافات لمحت أعين الإنسان غضب السماء وثورتها فكانت في أنظاره المُتَرقِّبَةُ ثورة الإله وغضبه المفاجئ. فتذكر المصادر ثور أو تور ذلك الرجل ذو اللحية الحمراء والقبضةِ المَكينةِ، كان أكثر ما يُمَيِّزُهُ هو مطرقته، صنعها له الأقزام فكانت السلاح والرمز، يقدح بها عِنان السماء أو يرمي بها على أعدائه من العمالقة فتنطلق من أطرافها الصواعق الحارقات. وكما كانت الصواعق و أخطار السماء التي لا تنتهي مستوليةً على اهتمام سكان تلك الانحاء، فقد حاز تور على اهتمامهم و جعلوه أعظم معبوداتهم و أكثرها قدسية." قطعا الحكاية هي الأخرى هى مجرد تخويف من الكهنة للناس بزعم وجود قوة خارقة قد تسلط عليهم إن لم يرضوا صاحبها غير الموجود وهو تور أو ثور كما في المعتقد الاسكندنافى الخرافة لا تعدو أن تكون عملية استخلاص المنافع والأموال من الناس عن طريق تخويفهم بما لا وجود له وأما الفيضانات فيحكى لنا أنها دموع الربة المزعومة إيزيس في الخرافات المنسوبة للديانة المصرية القديمة والتي قال عنها : "الفيضانات دمعة من عيني إيزيس سببت فيضان نهر النيل .. في أرض الخصوبة و النماء، من حيث تفجرت أنوار المعارف و ارتفعت قلاع الوحدة، في مِصر، نسج الفراعنة أسطورة الفيضان و جعلوها كغيرها من الظواهر أو الكوارث نِتاج الصراعات الغيبية و الرؤى الدينية. تبدأ القصة حينما هبط أوزوريس إلى الأرض كمعلم للبشرية، وتمضي القصة لتخبرنا عن الشعبية التي حازها وحب الناس له لتشتعل بذلك نار الحقد في فؤاد أخيه ست وهنا بدأ في التخطيط للتخلص منه. صنع ست تابوتا جميلا رائع المنظر لا يناسب في حجمه إلا أخاه اوزوريس ثم دعا الجميع لحفلٍ كبير، ثم أتى بالتابوت ووعد بان يعطيه لمن يناسبه فتهافت الكل لتجريبه أملا في امتلاكه، وكان بالطبع من نصيب أخيه الذي ما أن دخل فيه حتى عاجله فأغلقه عليه و رماه في قعر البحر. علمت زوج اوزوريس (ايزيس) بذلك فعادت به إلى الدلتا مسرعة، ووسط حزنها ذاك سقطت دمعة منها ليفيض بها النيل ويكتسح ضفافه الآمنة. هكذا صورت نقوش المصريين الأوائل حكاية الفيضان قصة حقد وعشق وسلام، فكأنما كانت الطبيعة وحيهم ومَنْهَلَ معرفتهم والذي منه انتجبوا سطور الحكمة و الحقيقة." قطعا الحكاية هذه المرة ليست تخويف وإنما ترغيب من قبل كهنة إيزيس وأسرتها في ارضاءها كى تمنحهم الفيضانات التي هي سبب خصب البلاد وغنى العباد وقطعا الارضاء يصب في النهاية في بطون وجيوب الكهنة لأنه لا وجود لآيزيس وأوزوريس وحورس وغيرهم من الأسرة المزعومة وفى نهاية مقاله بين النعيمى أن تلك الأساطير كانت تفسيرا للواهر الموجودة في الأرض أو فى جو السماء فقال : "ختاما هذه أَجلُّ الكوارث الطبيعية و أكثرها ذيوعا، و في كل بيئة و في كل أرض تجلت للإنسان كبدائع و ظواهر فريدة، نسج لها أساطيره و حَبَكَ لها قصصه، منها ما نتخذه كتراث قصه القصاصون و أخرى كمصدر خوف و إن فسرها المفسرون" وكما سبق الحديث : الحكايات لا تدل على تفسير الظواهر الأرضية أو المناخية وإنما هي : سلاح من ضمن أسلحة الكهنة للحصول على متاع الدنيا بوسائل خداعية فمثلا حكاية تكون السحب تظهر أمام الناس من خلال تسخين المياه أو سلق الطيور أو الطبيخ من خلال تجمع البخار على أسطح غطيان الأوانى ومثلا حكاية الفيضانات تظهر أمامها من خلال ظاهرة المطر التي تتجمع وتتكاثر وتكون سيلا يكسح أمامه ألشياء ومن ثم القول بعجز القدامى عن فهم الظواهر الطبيعية هو : قول خاطىء مع ظهور الكثير من العمليات أمام أعينهم ولكن الكهنة من خلال الاشاعات وتكرارها الذى لا ينقطع يوحون لهم بغير ما ترى أعينهم ومن ثم يترك البعض تصديق ما يراه بعينيه إلى تصديق ما يسمعه بأذنيه من خلال رجال الكهنة وغير رجالهم ممن يصدقون بلا تفكير | |
|