نقد كتاب صلاة الكسوف ، أحكام ومسائل
الكتاب تأليف إحسان بن محمد بن عايش العتيبي وهو يدور حول صلاة ليست فى وحى الله ولا يوجد حتى إشارة إليها فى كتاب الله وهى ما يسمونه صلاة الكسوف وفى مقدمته قال العتيبى:
" فبعد أيام قلائل يأتي على الناس حدث عظيم ، وأمر مهول ، وهو "كسوف الشمس" ، وليس الأمر كما يظن كثير من الناس أنه حدث فلكي ، أو منظر طبيعي يتسلى الناس برؤيته ، والاستمتاع بمشاهدته!! ، كلا والله إن الأمر جد خطير ، وأصبح هم الناس ما قد يصيب أعينهم من النظر إلى الشمس في كسوفها ، وأصبح التحذير للناس لما قد يسببه النظر من أمراض – وهذا لا يجزم به – وكأنه يجوز لهم في غير هذه الحالة النظر والاستمتاع!! ، ولعلنا لا نبالغ إذا فلنا إننا نتوقع أن يأتي على الناس زمان ينظرون فيه إلى خروج الشمس من مغربها على أنها حادثة فلكية غريبة!! والدليل على توقعنا هذا ما نراه الآن من التعامل مع الكسوف والخسوف اللذين جعلهما الله تعالى آيتين يخوف بهما عباده ، يتعاملون معهما على أنهما ظواهر كونية مجردة عن الوعظ والتخويف! ولقد غفل الناس عن أحكام هذه الصلاة، وتسمى صلاة الآيات كما قال شيخ الإسلام في "النبوات" (ص 190) ومعانيها ، ومسائلها،وضاعت مع ما ضيع من الفرائض الكثيرة."
الرجل هنا يتحدث بقوة وصرامة وكأن هذه الصلاة واجبة ولو وجبت لناقضت كل أحاديث وجوب الصلوات الخمس فقط لأنه فى احدى الروايات لما سأل الصحابى هل على غيرها قال لا والغريب أنه ينقل عن ابن تيمية والذى أظهر بكلامه تناقض الروايات فى الموضوع واستهل العتيبى كلامه بالحديث عن كون الكسوف والخسوف من آيات الله فقال:
"الكسوف والخسوف من آيات الله:
كثيرة هي آيات الله عز وجل ، وهي مخلوقة للتفكر والاعتبار ، لكن الناس عن هذا في غفلة ، ومنه في بعد ، قال الله تعالى { وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون }!!.
وقال النبي (ص)" إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله" رواه البخاري (1044) و مسلم (901)."
وهو كلام لا ريب فيه ثم حدثنا عن كون الظاهرتين ليس لهما ارتباط بموت أو ولادة أحد فقال:
"لا ارتباط بين الكسوف وموت أو حياة أحد من الناس:
ويعتقد بعض الناس أن الشمس تكسف ، والقمر يخسف لحياة أو موت أحد من العظماء أو الزعماء ، وهو اعتقاد موروث من أهل الجاهلية ، قال النبي (ص)"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته" متفق عليه – وهو تتمة الحديث السابق - ، وقد ظن بعضهم ذلك أول الأمر لما كسفت الشمس يوم وفاة إبراهيم – ابن النبي (ص)- ، فعن المغيرة بن شعبة قال : "كسفت الشمس على عهد رسول الله (ص)يوم مات إبراهيم فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم فقال رسول الله (ص)إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته" رواه البخاري (1043) ، ومسلم (915) ، وتاما -كرواية البخاري - (915) من حديث جابر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وقوله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته رد لما كان قد توهمه بعض الناس من أن كسوف الشمس كان لأجل موت إبراهيم ابن النبي (ص)وكان قد مات وكسفت الشمس فتوهم بعض الجهال من المسلمين أن الكسوف كان لأجل هذا فبين لهم النبي (ص)أن الكسوف لا يكون سببه موت أحد من أهل الأرض ونفى بذلك أن يكون الكسوف معلولا عن ذلك وظنوا أن هذا من جنس اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ كما ثبت ذلك في الصحيح فنفى النبي (ص)ذلك وبين أن ذلك من آيات الله التي يخوف بها عباده "الرد على المنطقيين" (ص 271)."
والكلام كان صحيحا حتى ذكر الرجل حديث اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ الذى لا علاقة له بالموضوع والخطأ هو إهتزاز العرش لموت سعد وهذا تخريف لأن العرش لا يهتز بسبب أى شىء بدليل أن قول الكفار أن لله ولدا لا يجعل ملك السموات والأرض يتهدم ويتشقق رغم سوءه رغم أن السموات والأرض والجبال تريد ذلك إنتقاما لله وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا"
ثم ذكر كون الظاهرتين هما للتخويف فقط فقال :
"الكسوف والخسوف للتخويف لا للتسلية:
وقد اعتاد الناس في كل عام في العالم كله تجهيز مناظيرهم ، واختيار أفضل الأماكن للسفر إليها لمشاهدة الكسوف أو الخسوف!! وهو من تغيير أحكام الشرع ، ومن مخالفة السبب الذي أوجد الله له هذه الآيات : وهو تخويف عباده ، عن أبي بكرة قال : قال رسول الله (ص)"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله تعالى يخوف بها عباده " رواه البخاري (1048) .
ولا يمنع أن يكون ذلك معروفا بالحساب ، قال ابن دقيق العيد : ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله " يخوف الله بهما عباده " وليس بشيء لأن لله أفعالا على حسب العادة ، وأفعالا خارجة عن ذلك ، وقدرته حاكمة على كل سبب ، فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض ، وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد ، وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها ؛ وحاصله : أن الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفا لعباد الله تعالى " فتح الباري " (2/683) .
وعلق على كلام ابن دقيق العيد الشيخ عبد العزيز بن باز ، فقال : ما قاله ابن دقيق العيد هنا تحقيق جيد ، وقد ذكر كثير من المحققين – كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – ما يوافق ذلك ، وأن الله سبحانه قد أجرى العادة بخسوف الشمس والقمر لأسباب معلومة يعقلها أهل الحساب ، والواقع شاهد بذلك ولكن لا يلزم من ذلك أن يصيب أهل الحساب في كل ما يقولون ، بل قد يخطئون في حسابهم ، فلا ينبغي أن يصدقوا ولا أن يكذبوا ، والتخويف بذلك حاصل على كل تقدير لمن يؤمن بالله واليوم الآخر . والله أعلم . أ.هـ هامش " فتح الباري" – الموضع السابق - .
وقال شيخ الإسلام: والتخويف إنما يكون بما يكون سببا للشر قال تعالى {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} فلو كان الكسوف وجوده كعدمه بالنسبة إلى الحوادث لم يكن سببا لشر وهو خلاف نص الرسول"
وكلام ابن تيمية عن كون الظاهرتين من الآيات المخوفة هو مناقض لمنطوق الأية
"وما منعنا ان نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا"
فالآيات المذكورة هنا هى المعجزات فهى التى تم منعها وهى كانت لتخويف الأقوام كناقة صالح(ص)والظاهرات ليست من المعجزات لتكرارهما عدة مرات فى كل عام فى مناطق مختلفة من الأرض بينما المعجزة لا تتكرر
والظاهرات الكونية المتكررة تكون تخويفا وترهيبا فى نفس الوقت كما فى الرعد والبرق وفيهما قال تعالى :
"ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا"
ثم قال العتيبى:
"وأيضا : في السير أن النبي (ص)نظر إلى القمر وقال لعائشة : "يا عائشة تعوذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب" - رواه الترمذي (3366) وصححه ، وأحمد (23802) -، والاستعاذة إنما تكون مما يحدث عنه شر."
وقطعا هذه الرواية هناك رواية مناقضة لها مذكورة فى تفسير الطبرى وهى:
حدثنا به نصر بن عليّ، قال: ثنا بكار بن عبد الله بن أخي همام، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ( وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) قال: " النجم الغاسق "
وقطعا لا يمكن أن يفسر قول واحد بتفسيرين متناقضين ومن ثم لا تصح رواية فيهما
ثم بين العتيبى أن ما يدفع تلك الأشياء الصلاة ، والدعاء ، والذكر ، والاستغفار ، والتوبة ، والإحسان بالصدقة ، والعتاقة وهو كلام خاطىء وهو قوله:
"وأمر (ص)عند انعقاد أسباب الشر بما يدفع موجبها بمشيئة الله تعالى وقدرته من الصلاة ، والدعاء ، والذكر ، والاستغفار ، والتوبة ، والإحسان بالصدقة ، والعتاقة ، فإن هذه الأعمال الصالحة تعارض الشر الذي انعقد سببه …. ، وهذا كما لو جاء عدو فإنه يدفع بالدعاء وفعل الخير وبالجهاد له وإذا هجم البرد يدفع باتخاذ الدفء فكذلك الأعمال الصالحة والدعاء ، وهذا ما اتفق عليه الملل . أ.هـ "الرد على المنطقيين" (ص 271-272).
ما ينبغي فعله وقت الكسوف والخسوف
( 1 ) الصلاة والأظهر أنها واجبة ، لأمر النبي (ص)بها – كما سيأتي -:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخبر عن النبي (ص)"إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموها فصلوا" رواه البخاري (1402) ومسلم (914)."
الصلاة لا يمكن أن يقصد بها الصلاة ذوات الركوعات والسجودات وإنما هى الدعاء فالإنسان يدعو غذا مسه شر أو توقع أن بمسه الضر كما قال تعالى :
"وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض"ثم قال:
"( 2 ) الصدقة:
عن عائشة أنها قالت : خسفت الشمس في عهد رسول الله (ص)فصلى رسول الله (ص)بالناس فقام فأطال القيام …. ثم قال : "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك … وصلوا وتصدقوا" رواه البخاري (1044) ومسلم (901)
( 3 ) الدعاء
عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم فقال الناس انكسفت لموت إبراهيم فقال رسول الله (ص): "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي" رواه البخاري (1061) ومسلم (915)."
الرواية الثانية ليس فيها تصدق ومن ثم الاستدلال بها خاطىء كما أن التصدق يكون له سبب وهو حاجات الناس وليس سببه الظواهر الكونية لأن الإنسان كلما شاهد ظاهرة تخيفه سيتصدق فإنه سيتصدق يوميا بسبب الظلام والريح والمطر والحر والبرد ثم قال:
"( 4 ) ذكر الله والاستغفار
عن أبي موسى قال خسفت الشمس فقام النبي (ص)فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله وقال هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله به عباده فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره" رواه البخاري (1059) ومسلم (912).
قال الحافظ ابن حجر : وفيه الندب إلى الاستغفار عند الكسوف وغيره لأنه مما يدفع به البلاء .أ. هـ "فتح الباري" (2/695)."
الرواية التى استدل بها متناقضة فالرجل ذكر صلاته ومع هذا فالرواية لم تذكر الصلاة فى الأمور التى ترفع ذلك ثم قال:
"( 5 ) العتق:
وإذا لم يكن في هذا الزمان رقاب تعتق ، فيعمل بالأولى وهو عتق النفس من الإثم ، ومن النار ، والإنسان عبد لربه فليسارع ليحرر نفسه من عبودية الهوى والشيطان ، ولعل هذه المناسبة أن تعيد العقول إلى أصحابها فيتخلون عن قتل الأبرياء ، وظلم الأتقياء ، وتلويث عرض الأنقياء ، وهضم حقوق الأخفياء عن أسماء قالت : "لقد أمر النبي (ص)بالعتاقة في كسوف الشمس" . رواه البخاري (1054) ."
قطعا الخطأ هو العتق عند الكسوف ومن المعروف أن العتق يكون بسبب ذنوب أو بسبب الإحسان لإنسان مسلم بعتقه وليس بسبب ظواهر كونية ثم قال:
"( 6 ) التعوذ بالله من عذاب القبر
عن عائشة زوج النبي (ص)..فسألت عائشة رسول الله (ص)أيعذب الناس.. ثم ركب رسول الله (ص)ذات غداة مركبا فخسفت الشمس فرجع ضحى فمر رسول الله (ص)بين ظهراني الحجر ثم قام يصلي وقام الناس وراءه فقام قياما طويلا ….وانصرف فقال ما شاء الله أن يقول ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" .رواه البخاري (1050) ومسلم (903) - من غير الأمر بالتعوذ ، لكن فيه أنه كان يستعيذ بعده من عذاب القبر – "
الخطأ وجود عذاب فى القبر وهو ما يخالف أن النار فى السماء مصداق لقوله تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون "فالموعود وهو الجنة والنار فى السماء
وبعد ذلك ذكر نصوصا فى الصلاة المزعومة للكسوف فقال :
" هذا ما تيسر ذكره مما يفعل وقت الكسوف ، وأما الصلاة فيه فله أحكام كثيرة نوجزها فيما يأتي :عددها ركعتان عن أبي بكرة قال : "انكسفت الشمس على عهد رسول الله (ص)فصلى ركعتين" .رواه البخاري (1062)
القراة فيها جهرية وسواء كانت الصلاة في الليل أو في النهار.
عن عائشة رضي الله عنها : "جهر النبي (ص)في صلاة الخسوف بقراءته" . رواه البخاري (1066) ومسلم (901).
ج. كيفيتها
وهي ركعتان ، في كل ركعة : قراءتان وركوعان وسجدتان عن عائشة رضي الله عنها : "جهر النبي (ص)في صلاة الخسوف بقراءته فإذا فرغ من قراءته كبر فركع وإذا رفع من الركعة قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات" . متفق عليه – الموضع السابق - .
د. إطالة الصلاة
عن أبي موسى قال : "خسفت الشمس فقام النبي (ص)فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله" . رواه البخاري (1059) ومسلم (912).
هـ. الركعة الأولى أطول من الثانية
عن عائشة أن يهودية …. فكسفت الشمس فرجع ضحى فمر رسول الله (ص)بين ظهراني الحجر ثم قام فصلى وقام الناس وراءه فقام قياما طويلا ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد سجودا طويلا ثم قام فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد وهو دون السجود الأول ثم انصرف" . متفق عليه – وقد سبق قريبا -.
ز. ينادى لها "الصلاة جامعة" بلا أذان ولا إقامة
عن عبد الله بن عمرو أنه قال : "لما كسفت الشمس على عهد رسول الله (ص)نودي إن الصلاة جامعة فركع النبي (ص)ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة ثم جلس ثم جلي عن الشمس قال وقالت عائشة رضي الله عنها ما سجدت سجودا قط كان أطول منها". رواه البخاري (1051) ومسلم (910).قلت : ومعنى " سجدة " : ركعة .
= وعن عائشة أن الشمس خسفت على عهد رسول الله (ص)فبعث مناديا الصلاة جامعة فاجتمعوا وتقدم فكبر وصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات" . رواه مسلم (901).
ح. صلاة الكسوف جماعة في المسجد
= وفيه بعض الأحاديث السابقة – ولا مانع من أن يصليها الناس في بيوتهم فرادى ، وإن كان الأولى أن تكون في المسجد وجماعة - ، وأيضا : عن عائشة زوج النبي (ص)قالت خسفت الشمس في حياة النبي (ص)فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه فكبر فاقترأ رسول الله (ص)قراءة طويلة …". رواه البخاري (1046).
قلت : وهذا لا يتعارض مع الندب لأداء النوافل في البيت ، فإن هذه الصلاة مما تشرع فيه الجماعة ، فصار أداؤها في المسجد خير من أدائها في البيت .
قال شيخ الإسلام وأما قوله أي: النبي (ص)"أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" فالمراد بذلك ما لم تشرع له الجماعة ؛ وأما ما شرعت له الجماعة كصلاة الكسوف ففعلها في المسجد أفضل بسنة رسول الله (ص)المتواترة واتفاق العلماء"منهاج السنة النبوية" (8/309).
ط. صلاة النساء في المسجد
ويسن حضور النساء إلى المساجد لأداء الصلاة ، ويجب التخلي عن الطيب والزينة في كل خروج لهن ، ويتأكد الأمر ها هنا لما فيه من الفزع والتخويف بهذه الآية .
عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت أتيت عائشة زوج النبي (ص)حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها إلى السماء وقالت سبحان الله فقلت آية؟ فأشارت أي نعم قالت فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب فوق رأسي الماء فلما انصرف رسول الله (ص)حمد الله وأثنى عليه … " . رواه البخاري (1053) ومسلم (905).
ي. رفع اليدين في الدعاء
عن عبد الرحمن بن سمرة قال : بينما أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله (ص)إذ انكسفت الشمس فنبذتهن وقلت لأنظرن إلى ما يحدث لرسول الله (ص)في انكساف الشمس اليوم فانتهيت إليه وهو رافع يديه يدعو ويكبر ويحمد ويهلل حتى جلي عن الشمس فقرأ سورتين وركع ركعتين" . رواه مسلم (913).
ك. الخطبة بعد الصلاة
ويسن الإمام بعد الصلاة أن يخطب بالناس – والأصح أنها خطبة واحدة ، وهو مذهب الشافعي- ، يذكرهم باليوم الآخر ، ويرهبهم من الحشر والقيامة ، ويعلمهم بحالهم في القبور وسؤال الملكين، وكل هذا من هديه (ص)، وإليكم نماذج من خطبه (ص):
= عن أسماء قالت أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام فقالت سبحان الله قلت آية؟ فأشارت برأسها أي نعم فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب على رأسي الماء فحمد الله عز وجل النبي (ص)وأثنى عليه ثم قال : ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار فأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريب – لا أدري أي ذلك قالت أسماء – من فتنة المسيح الدجال يقال ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن – لا أدري بأيهما قالت أسماء – فيقول هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا هو محمد ثلاثا فيقال نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به ، وأما المنافق أو المرتاب – لا أدري أي ذلك قالت أسماء – فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته " رواه البخاري (86) ومسلم (905) _ ، وسبق موضع آخر في البخاري .
= عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن النبي (ص)صلى صلاة الكسوف فقام فأطال القيام …. ثم انصرف فقال : "قد دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها ودنت مني النار حتى قلت أي رب وأنا معهم فإذا امرأة حسبت أنه قال تخدشها هرة قلت ما شأن هذه قالوا حبستها حتى ماتت جوعا لا أطعمتها ولا أرسلتها تأكل من خشاش الأرض" . رواه البخاري (745).
= عن عائشة أنها قالت خسفت الشمس في عهد رسول الله (ص)فصلى رسول الله (ص)بالناس فقام فأطال القيام …. ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ثم قال يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" . رواه البخاري (1044) ومسلم (901).
= عن جابر قال : انكسفت الشمس في عهد رسول الله (ص)يوم مات إبراهيم ابن رسول الله (ص)فقال الناس إنما انكسفت لموت إبراهيم فقام النبي (ص)فصلى بالناس … ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه حتى انتهينا - وقال أبو بكر حتى انتهى إلى النساء - ثم تقدم وتقدم الناس معه حتى قام في مقامه فانصرف حين انصرف وقد آضت الشمس فقال يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس وقال أبو بكر لموت بشر فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه لقد جيء بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار كان يسرق الحاج بمحجنه فإن فطن له قال إنما تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه" . رواه مسلم (904).
ل. يجوز أداء الصلاة ولو في وقت الكراهة
المعلوم أن النبي (ص)نهى عن صلاة التنفل بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، وقبل الزوال – أي: الظهر - ، وبعد العصر إلى غروب الشمس – وهذا ثابت في الصحيحين - ، لكن إذا كان لهذه النوافل أسباب : فالصحيح أنه يجوز أداؤها ، ويبقى النهي عن الصلاة لغير ذوات الأسباب
قال شيخ الإسلام ونهى النبي (ص)عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لأن المشركين يسجدون للشمس حينئذ والشيطان يقارنها وإن كان المسلم المصلي لا يقصد السجود لها لكن سد الذريعة لئلا يتشبه بالمشركين في بعض الأمور التي يختصون بها فيفضي إلى ما هو شرك ، ولهذا نهى عن تحري الصلاة في هذين الوقتين هذا لفظ ابن عمر الذي في الصحيحين فقصد الصلاة فيها منهي عنه وأما إذا حدث سبب تشرع الصلاة لأجله مثل تحية المسجد ، وصلاة الكسوف ، وسجود التلاوة ، وركعتي الطواف ، وإعادة الصلاة مع إمام الحي ، ونحو ذلك فهذه فيها نزاع مشهور بين العلماء والأظهر جواز ذلك واستحبابه فإنه خير لا شر فيه وهو يفوت إذا ترك وإنما نهي عن قصد الصلاة وتحريها في ذلك الوقت لما فيه من مشابهة الكفار بقصد السجود ذلك الوقت فما لا سبب له قد قصد فعله في ذلك الوقت وإن لم يقصد الوقت بخلاف ذي السبب فإنه فعل لأجل السبب فلا تأثير فيه للوقت بحال . أ.هـ "مجموع الفتاوى" (17/502).
م. بداية الصلاة ونهايتها
ويسن أن يبدأ الناس بالصلاة أول وقت الكسوف ، ويستمر الوقت إلى نهاية الكسوف ، فإذا انتهى الوقت لم يشرع أداء الصلاة لانتهاء السبب وخروج الوقت عن عائشة زوج النبي (ص)قالت خسفت الشمس في حياة رسول الله (ص)فخرج رسول الله (ص)إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه فاقترأ رسول الله (ص)قراءة طويلة.. ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة وقال أيضا فصلوا حتى يفرج الله عنكم …" رواه مسلم (901) ، والبخاري (1401) – بدون الجملة الأخيرة - .
وعن أبي بكرة قال كنا عند رسول الله (ص)فانكسفت الشمس فقام النبي (ص)يجر رداءه حتى دخل المسجد فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس فقال (ص)"إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم" رواه البخاري (1040) ، ومسلم (911) من حديث أبي مسعود الأنصاري.
قال شيخ الإسلام (ص): والمقصود أن تكون الصلاة وقت الكسوف إلى أن يتجلى فإن فرغ من الصلاة قبل التجلي ذكر الله ودعاه إلى أن يتجلى ، والكسوف يطول زمانه تارة ويقصر أخرى بحسب ما يكسف منها فقد تكسف كلها وقد يكسف نصفها أو ثلثها فإذا عظم الكسوف طول الصلاة حتى يقرأ بالبقرة ونحوها في أول ركعة وبعد الركوع الثاني يقرأ بدون ذلك وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي (ص)بما ذكرناه كله. أ.هـ "مجموع الفتاوى" (24/260).
فوائد :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية والصواب أنه لم يصل - أي: النبي (ص)- إلا بركوعين ، وأنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم وقد بين ذلك الشافعي وهو قول البخاري وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه والأحاديث التي فيها الثلاث والأربع فيها أنه صلاها يوم مات إبراهيم ، ومعلوم أنه لم يمت في يومي كسوف ولا كان له إبراهيمان .أ.هـ "مجموع الفتاوى" (1/256).
قال شيخ الإسلام (ص): ولم يأمرهم أن يدعوا مخلوقا ولا ملكا ولا نبيا ولا غيرهم ومثل هذا كثير في سنته لم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به من دعاء الله ، وذكره والاستغفار ، والصلاة ، والصدقة ، ونحو ذلك فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان تضاهي دين المشركين والنصارى.أ.هـ "مجموع الفتاوى" (27/89-90). وكلامه عن دعاء غير الله عز وجل."
والأخطاء فيما سبق هى :
الأول التناقض فى عدد الركوعات والسجودات وفى صلاتها عدة مرات ومن ثم ذكر العتيبى قول ابن تيمية فى ذلك" والصواب أنه لم يصل - أي: النبي (ص)- إلا بركوعين ، وأنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم"
الثانى الجهر فى الصلاة وهو ما يناقض عدم جواز الجهر فى الصلاة كما قال تعالى :
"ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا"
الثالث رفع اليدين فى الدعاء وهو ما يخالف أن الله ليس له جهة ومن ثم فرع اليدين إلى السماء خطأ ولو كان الله فى جهة السماء لأشبه خلقه فى كونه له جهة مثلهم وهو ما يتنافى مع قوله تعالى "ليس كمثله شىء"
الرابع استمرار الصلاة مدد طويلة حتى زوال الظاهرة وهذا معناه أن يترك الناس أعمالهم وطاعاتهم الأخرى لله لتلك الصلاة التى لا تزيل شيئا لأن تلك الظاهرة لها أوقات معروفة لكونها تتكرر فى أوقات وأماكن معينة وكل صلاة لها وقت محدد بحيث لا يتعب الإنسان منها ثم قال : "3-قال شيخ الإسلام الخسوف والكسوف لهما أوقات مقدرة كما لطلوع الهلال وقت مقدر وذلك ما أجرى الله عادته بالليل والنهار والشتاء والصيف وسائر ما يتبع جريان الشمس والقمر ، وذلك من آيات الله تعالى كما قال تعالى { وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} ، وقال تعالى {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق} ، وقال تعالى {والشمس والقمر بحسبان} ……وكما أن العادة التي أجراها الله تعالى أن الهلال لا يستهل إلا ليلة ثلاثين من الشهر أو ليلة إحدى وثلاثين وأن الشهر لا يكون إلا ثلاثين أو تسعة وعشرين فمن ظن أن الشهر يكون أكثر من ذلك أو أقل فهو غالط فكذلك أجرى الله العادة أن الشمس لا تكسف إلا وقت الاستسرار وأن القمر لا يخسف إلا وقت الإبدار ووقت إبداره هي الليالي البيض التي يستحب صيام أيامها ليلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فالقمر لا يخسف إلا في هذه الليالي والهلال يستسر آخر الشهر إما ليلة وإما ليلتين كما يستسر ليلة تسع وعشرين وثلاثين والشمس لا تكسف إلا وقت استسراره وللشمس والقمر ليالي معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف كما أن من علم كم مضى من الشهر يعلم أن الهلال يطلع في الليلة الفلانية أو التي قبلها ، لكن العلم بالعادة في الهلال علم عام يشترك فيه جميع الناس وأما العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريانهما وليس خبر الحاسب بذلك من باب علم الغيب ، ولا من باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه فيها أعظم من صدقه ، فإن ذلك قول بلا علم ثابت وبناء على غير أصل صحيح .أ.هـ "مجموع الفتاوى" (24/254-256).
4. قال شيخ الإسلام والعلم بوقت الكسوف والخسوف وإن كان ممكنا لكن هذا المخبر المعين قد يكون عالما بذلك وقد لا يكون ، وقد يكون ثقة في خبره وقد لا يكون، وخبر المجهول الذي لا يوثق بعلمه وصدقه ولا يعرف كذبه موقوف ، ولو أخبر مخبر بوقت الصلاة وهو مجهول لم يقبل خبره لكن إذا تواطأ خبر أهل الحساب على ذلك فلا يكادون يخطئون، ومع هذا فلا يترتب على خبرهم علم شرعي فإن صلاة الكسوف والخسوف لا تصلى إلا إذا شاهدنا ذلك وإذا جوز الإنسان صدق المخبر بذلك أو غلب على ظنه فنوى أن يصلي الكسوف والخسوف عند ذلك واستعد ذلك الوقت لرؤية ذلك كان هذا حثا من باب المسارعة إلى طاعة الله تعالى وعبادته فان الصلاة عند الكسوف متفق عليها بين المسلمين وقد تواترت بها السنن عن النبي (ص)ورواها أهل الصحيح والسنن والمسانيد من وجوه كثيرة واستفاض عنه أنه صلى بالمسلمين صلاة الكسوف يوم مات ابنه إبراهيم "مجموع الفتاوى"(24/258).
5. اختلف أهل العلم فيا تدرك به صلاة الكسوف ، والأظهر – والله أعلم – أنها تدرك بالركوع الأول من الركعة الأولى ، وعليه : فمن فاته الركوع الأول فعليه قضاء الركعة"
وما نقله الرجل لو عقله هو غيره لوجب عليه أن يخترع صلوات للظواهر المشابهة مثل المد والجزر وظهور الشهب والمذنبات فلها أوقات تقع فيها كما يقع الخسوف والكسوف والسؤال لماذا الخسوف والكسوف وليس للمذنبات صلوات؟
لو أن الله فرض تلك الصلاة لفرض لكل الظواهر صلوات ولكن الله لم يفرض شىء سوى الصلوات المكتوبة فقط