نقد كتاب ليلة النصف من شعبان الأدلة الحاسمة على مشروعية إحيائها
الكتاب تأليف محمد زكى إبراهيم وهو من المعاصرين الذين توفوا وكان رائدا للعشيرة المحمدية فى مصر وسبب نشر الكتاب هو رغبة البعض فى نشر البحث الذى كان منشورا وفى هذا قال :
" أما بعد استجابة لرغبات كريمة وجهت إلينا نعيد نشر هذا البحث أملا في أن نكشف وجه الحق عما يشغل الجمهور الآن من أمر إحياء ليلة النصف من شعبان وما يدور على الألسن الآن بشأنها بين المشروعية والممنوعية وبرغم أنه كان قد سبق لنا في هذا المجال كلام، إلا أننا نعود إليه باختصار وتركيز، استجابة لهذه الرغبات المباركة، وإحقاقا لما نؤمن به من حق نعتقده، ولا نعادي من يعتقد سواه
بين يدي مشكلة ليلة النصف:
قد نأذن لإنسان ما، أن يتهمنا بالخطأ (فكل ابن آدم خطاء)، والخطأ في محاولة بلوغ الصواب نوع من الصواب نفسه، ولكننا لا نأذن لإنسان ما أن يتهمنا في ديننا، ولا في عقيدتنا، فدون ذلك أهوال!! وبمقدار ما لا نحب أن نحمل الناس كرها على رأينا، نأبى أن يحملنا أحد كرها على رأيه، ولكل وجهة هو موليها، وطالب الصواب مصيب وإن أخطأ ولا يزال إخواننا (المتوهبة) المغرمون بالحملة على (إحياء ليلة النصف من شعبان) يترقبون هذا الموسم بشغف، يبغضون فيه إلى الناس اعتكافهم بالمساجد، وابتهالهم إلى الله تعالى، كأن لم يبق مما يغضب الله شيء قط، إلا أن يلجأ إلى بابه تعالى مسلم في ليلة النصف من شعبان، على أي وجه كان! ... يا إخواننا: إن حياتنا مملوءة بالمتفق على كفاحه، وهو أولى بالجهد من المختلف عليه الذي يصرفنا عن الأهم إلى التافه فنضل ونخزى هذه قضية يؤمن بها حتى أهل المريخ، ولكنها لم تصل بعد إلى خصوم ليلة النصف من شعبان، وهواة تمزيق الأمة باسم التوحيد أو اسم السنة "
الخلاف هنا بين المتصوفة والمؤلف منهم وبين الوهابية واستهل المؤلف كلامه فقال:
"أولا: تمهيد:
أصبح من معتاد الناس أن يستقبلوا شهر شعبان بالمعركة التقليدية المكررة بين القائلين باستحباب إحياء ليلة النصف، والقائلين بالمنع في صلف وخشونة وجمود ونحن هنا نعيد نشر هذا البحث العلمي المنصف، على يقين مسبق بأن خصوم هذه الليلة لن يزيدهم هذا الحق إلا عنتا وتشنجا وانطلاقا في السباب، بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وإنما هو التغالي والتعالي، وسرطان حب المخالفة، ودعوى الانفراد بالصواب، والوصاية على دين الله (والله يعلم المفسد من المصلح)، والدين متين رفيق (إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) كأن لم يبق من البدع إلا إحياء ليلة النصف، رغم ما ثبت في فضلها من الأحاديث والآثار التي سنذكر بعضها إن شاء الله "
وحاول محمد زكى الاستدلال على إحياء ليلة النصف من شعبان فقال:
"ثانيا: من فضل ليلة النصف:
1 - روى الدارقطني وابن شاهين وابن ماجه عن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله (ص): (إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له! ألا مسترزق فأرزقه!، ألا مبتلى فأعافيه! ألا كذا! ألا كذا! حتى يطلع الفجر) "
الخطأ نزول الله للسماء وهو يخالف أن الله ليس جسم حتى ينزل مكان كما أن نزوله فى مكان هو السماء الدنيا هنا يعنى أنه يشبه خلقه فى الأفعال والصفات وهو ما يخالف قوله "ليس كمثله شىء "كما أن الله يغفر ويرزق ويعافى فى غير ذلك من الأيام وهو خارج الكون فما الحاجة إلى نزوله – وهو لا ينزل – فى تلك الأيام إذا كان ما يفعله فى هذه الأيام يفعله باستمرار .
2 - وروى الطبراني، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله (ص): (يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن) وفي رواية (وقاتل نفس) قلنا: ولو لم يكن في فضلها غير هذا الحديث الصحيح الثابت لكفى في العناية بشأنها وأنها ليست ككل الليالي، كما يقوله بعض خلق الله، وهل كل الليالي وردت فيها أحاديث؟!"
الخطأ أن لايغفر الله لمشاحن أو مشرك فى تلك الليلة وهو مل يخالف أن الله يغفر لمن يستغفره فى أى يوم واى ليلة لقوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "
3 - وروى الترمذي في (النوادر)، والطبراني، وابن شاهين (بسند حسن) من حديث عائشة (ص) قالت: قال رسول الله (ص): (هذه ليلة النصف من شعبان: إن الله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرحم للمسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم) وحسبنا هنا هذه الأحاديث الحسنة المعتمدة عند أهل العلم حتى في (الأحكام) بله (الفضائل) وحول هذا المعنى تدور عدة أحاديث أخرى تحبب في إحياء هذه الليلة، وتجعل قبول الدعاء فيها أرجى والتعبد أفضل، وتقطع دعوى القائلين بأنها ليلة ككل الليالي، والمسلمون جميعا على اتفاق على الأخذ بالحديث الحسن "
الخطأ أن لايغفر الله لمشاحن أو مشرك فى تلك الليلة وهو مل يخالف أن الله يغفر لمن يستغفره فى أى يوم واى ليلة لقوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "
ثالثا: توجيه معاني بعض أحاديث ليلة النصف:
1 - أخرج البيهقي في كتاب (الدعوات الكبير) عن عائشة (ص) أن النبي (ص) قام يصلي ليلة النصف من شعبان، وقال: (في هذه الليلة يكتب كل مولود وهالك من بني آدم، وفيها ترفع أعمالهم، وتنزل أرزاقهم) ونحن نفهم: أن الكتابة هنا معناها نزول الأمر من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الموكلين بتنفيذه، ولما كان الأمر مستورا ثم كشف، كان كأنه بالنسبة لنا قد كتب في هذه الليلة، وعلى هذا المعنى وما هو منه، نحمل ألفاظ (الكتابة والنسخ) التي تدور في أحاديث فضل هذه الليلة، فتكون ليلة النصف كالتمهيد والتقديم أو الإعداد لليلة القدر، وعليه يحمل رأي عكرمة وغيره توفيقا بين ليلة النصف وليلة القدر"
الخطأ هنا هو ليلة النصف من شعبان يكتب فيها كل مولود وهالك من بني آدم، وفيها ترفع أعمالهم، وتنزل أرزاقهم وهو خبل يناقض أن الله قدر كل شىءقبل الخلق وقبل وجود الزمان من ليلة أو يوم وفى هذا قال تعالى:
"وكل صغير وكبير مستطر"
وقال :
"ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها"
فكل شىء مكتوب من قبل الخلق أى قبل وجود الزكان والمكان فكيف يكتب فى زمان؟
2 - ومن دليل ذلك ما روى ابن أبي الدنيا عن عطاء قال: (إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة، فيقال: اقبض من في هذه الصحيفة، فإن العبد ليغرس الغراس، وينكح الأزواج، ويبني البنيان، وإن اسمه قد نسخ في ديوان الموتى)
ومفهوم النص: أن هذه الصحيفة قد نسخت من اللوح المحفوظ لينفذها الموكلون بها، وعليه يفهم أيضا ما أخرجه الدينوري في (المجالسة) عن راشد بن سعد وقد أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عائشة نحوه "
نفس ما قيل فى الرواية السابقة يقال فى هذه وهو أن الله كاب كل شىء قبل الخلق ومن ثم فلن يكتبه مرة أخرى فى صحيفة أو غير ذلك
3 - وقد أخرج الخطيب في (التاريخ) من طريق عامر بن سياف اليمامي، عن عائشة (ص)، من حديث طويل، قال (ص) فيه: (يا عائشة! إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان، وأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح) وقد رواه أبو يعلى بنحو ذلك "
نفس ما قيل فى الروايتان وهوأن كل شىء مكتوب قبل الخلق
4 - وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار، قال: (لم يكن رسول الله (ص) في شهر أكثر منه صياما في شعبان، وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة)
نفس السابق
5 - وأخرج الخطيب في (رواة مالك) عن عائشة (ص) قالت: سمعت النبي (ص) يقول: (يفتح الله الخير في أربع ليال: ليلة الأضحى، والفطر، وليلة نصف شعبان ينسخ فيها الآجال والأرزاق، ويكتب الحاج، وفي ليلة عرفة إلى الأذان)"
هذه الروايات تعارض سابقاتها فى كتابة الآجال والأرزاق والحجاج فى ليلة النصف فقط فهنا يكتبون فى أربع ليال
6 - وأخرج الديلمي وابن زنجويه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي(ص) قال: (تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له، وقد خرج اسمه في الموتى) وروى نحوه ابن جريروالبيهقي في الشعب ومثل هذا كله لا يقال بالرأي كما هو معلوم عند العلماء، وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها ضعف أو لين، فهي مجبورة ومعتضدة بتعدد طرقها وشواهدها، وهكذا تأخذ رتبة (الحسن) على الأقل فيؤخذ بها فيما هو أخطر من موضوعنا هذا، وقد وجهناها هنا على ما نرجح، ولا نخالف توجيه غيرنا فلا موجب للجدل، والأمر فرعي اجتهادي، لا يجوز أن يتفرق عليه المسلمون "
هذه الرواية تعارض الكتابة فى الرواية السابقة فى أربع ليال كما تناقض السابقات المحددة لليلة النصف فى أنها لم جعلت الشهر كله مجال للكتابة
ثم تناول محمد زكى ضعف تلك الأحاديث فقال :
"رابعا: حول الحديث الضعيف:
وعلى فرض جدلي أن ضعف أحاديث فضل هذه الليلة والعمل بها غير مجبور، فقد جاءت في (باب الفضائل)، والأمة كلها على أن الحديث الضعيف يؤخذ به في الفضائل ونحوها بلا تثريب، فكيف إذا جبر الضعيف بالمتابعات والشواهد وتعدد طرق الرواية والعمل بالضعيف هنا نقله النووي، وذهب إليه ابن الصلاح، وهو ما جاء عن السلف كالثوري، وابن عيينة، وابن حنبل، وابن المبارك، وابن مهدي، وابن معين، وبوب له ابن عدي في (الكامل)، والخطيب في (الكفاية) إلخ وذلك أن الحديث الضعيف في مفهومنا العلمي حديث تحققت فيه بعض شروط الصحة، وإن تخلفت شروط أخرى فيه، فهو غير مجرد من الصحة، وهذا هو الفرق العلمي الكبير بينه وبين الحديث الموضوع وإن جهل ذلك بعض خلق الله "
الأمة لو اجتمعت على شىء فليس معناه صحيحا لأن الأمة قد تجتمع على الخطأ كما اجتمع الأسباط المسلمون على رمى يوسف (ص) فى الجب كما قال تعالى ""فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابات الجب"
وكما أجمع النبى الأخير(ص) والمسلمون على اتهام البرىء ودافعوا عن الخونة بعدما سمعوا كلام الخونة حتى نهاهم الله عنه ذلك وبين أنه برىء فقال:
"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"
ثم حدثنا الرجل عن فضل الدعاء فى تلك الليلة فقال:
"خامسا: فضل الدعاء في هذه الليلة:
1 - روى البيهقي، في حديث طويل، عن عائشة (ص) قالت: قال رسول الله (ص): (أتاني جبريل فقال: هذه الليلة ليلة النصف من شعبان، ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم بني كلب، لا ينظر الله فيها إلى مشرك، ولا إلى مشاحن، ولا إلى قاطع رحم، ولا إلى مسبل، ولا إلى عاق لوالديه، ولا إلى مدمن خمر ) قالت: فسجد ليلا طويلا وسمعته يقول في سجوده: (أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جل وجهك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك) قالت: فلما أصبح ذكرتهن له، فقال: (يا عائشة تعلمتهن؟) فقلت: نعم، فقال: (تعلميهن وعلميهن، فإن جبريل : علمنيهن، وأمرني أن أرددهن في السجود) وفي هذا الحديث اعتراف بفضل هذه الليلة، وتوجيه إلى التعبد فيها، وإلى اختيار جيد الدعاء معها، فليست إذن ككل الليالي (كما يقولون!!)، وهل كل الليالي فيها مثل هذا القول والمناظرة والترغيب المتلاحق الذي يوشك أن يكون أمرا ملزما؟!
2 - ثم إن هذا الحديث - كغيره - معتضد بحديث آخر للبيهقي أيضا عن عائشة (ص)، قالت: كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي، وكان رسول الله (ص) عندي، فلما كان في جوف الليل فقدته فطلبته في حجر نسائه، فانصرفت إلى حجرتي، فإذا أنا به كالثوب الساقط، وهو يقول في سجوده: (سجد لك خيالي وسوادي، وآمن بك فؤادي، فهذه يدي وما جنيت بها على نفسي، يا عظيم يرجا لكل عظيم، يا عظيم اغفر لي الذنب العظيم، سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره) وفي رواية (فتبارك الله أحسن الخالقين) ثم رفع رأسه، ثم عاد ساجدا فقال: (أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ بك منك: أنت كما أثنيت على نفسك، أقول كما قال أخي داود: أعفر وجهي في التراب لسيدي، وحق لسيدي أن يسجد له) ثم رفع رأسه فقال: (اللهم ارزقني قلبا تقيا، من الشرك نقيا، لا جافيا ولا شقيا) ثم انصرف"
الروايتان متناقضتان فيما قال الرجل فى الدعاء فى نفس الليلة والخطأ هو نزول الله للسماء فى ليلة النصف من شعبان ليغفر للمستغفرين ويخالف هذا أن الله تعالى عن المكان فكيف ينزل فى المكان ؟كما أن الله يغفر لمن يستغفره دون نزول لقوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "
وقال:
"3 - قلنا: فلم يعد للمعترض وجه للاعتراض على إحياء هذه الليلة بالتعبد والدعاء، إن اتقى الله وترك التعصب التقليدي الكريه، ودعوى احتكار الصواب أو الانفراد بالعلم أو خدمة السنة من دون الأمة، أو التحكم فيما اختار المسلمون لأنفسهم من نوافل العبادات بما صح عندهم منها
4 - وهذه الأحاديث التي أوردناها على اختلاف المفاهيم والمضامين والمراتب العلمية، يشد بعضها بعضا، فلم يبق شك في صحة محصلها، وهو فضل ليلة النصف، وفضل الاهتمام بإحيائها، وبهذا أخذ أكثر السلف ممن لا يتهمهم الناس في علم ولا عمل، وهذا ملحظ علمي له وزنه الكبير فتأمله "
وبالقطع قيام أى ليلة هو مباح عند الله ولكن جعل قيام تلك الله أمرا مطلوبا أو واجبا ليس صحيحا فقيام الليل مباح كما قال تعالى ""إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
ثم تناول مصيبة أخرى تم وضعها فى الدين ولكنه يدافع عنها وهى الركعات الست وقراءة يسفقال :
"سادسا: الركعات الست وقراءة يس:
أما ما تعوده الناس من صلاة ست ركعات أحيانا بين المغرب والعشاء، فقد وردت عدة أحاديث ثابتة في سنية هذه الركعات الست، فإذا توسل العبد إلى الله بهن في رجاء جلب المنافع ودفع المضار، فهو متوسل إليه تعالى بعمل صالح لا اعتراض عليه، كما أنها تكون في الوقت نفسه نوعا من صلاة الحاجة المتفق على صحتها بين جميع أهل القبلة، وهي في الأصل تسمى بـ (صلاة الأوابين)
1 - وقد أخرج الطبراني في معاجمه الثلاثة عن عمار ابن ياسقال[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]رأيت حبيبي رسول الله (ص) يصلي بعد المغرب ست ركعات وقال: من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر) "
أعطونا عقولكم الله يقرض كما يقولون المغرب ثلاثا ومع هذا يصلون التطوع ضعفيها فحتى لو افترضنا وجود النوافل وهى ليست من دين الله فيجب ألا تكون اكبر من الصلاة المفروضة؟
ثم كتب عن التوسل بيس فقال:
2" - وكذلك توسل الناس إلى الله بسورة (يس) في هذه الليلة وغيرها ابتغاء غفران الذنوب وتفريج الكروب، ونحو ذلك، فهو توسل إلى الله تعالى بكتابه وكلامه، وبصفة مقدسة من صفاته، وسورة مجيدة فيها ترغيب وتحبيب أكيد، فلا اعتراض ولا ملامة (راجع ما كتبناه عن فضل يس في (المسلم)، وفي كتابنا (الإسكات بركات القرآن على الأحياء والأموات)) والمهم في الأمر ألا يعتقد أن ذلك شرع أكيد، من خالفه أخطأ وعصى، وإنما هي فضائل مباحة لمن يشاء، بتوفيق الله، والموفقون قليل "
وهو كلام يخالف أن الله لم يحدد سورا لقراءتها فقال " فاقرءوا ما تيسر من القرآن" فليس لسورة فضل لأنه كله كلام الله يجب قراءته كله ومن ترك شىء منه بسبب سور الفضائل فقد ضل السبيل لأن كل السور تجتوى على أحكام وعظات يجب معرفتها
ثم تحدث عن مصيبة أخرى وهى صوم نهار تلك الليلة فقال :
"سابعا: صوم نهار النصف:
1 - روى ابن ماجه عن علي أن النبي (ص) قال: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له! ألا مسترزق فأرزقه!، ألا مبتلى فأعافيه! ألا كذا! ألا كذا! حتى يطلع الفجر)
وقد قدمنا هذا الحديث من رواية الدارقطني وابن شاهين عن علي، فبأي حق نمنع الناس من ذلك؟!، وهذه كلها فضائل يؤخذ فيها بالضعيف غير المجبور بالمرة، فكيف بالحديث (الحسن) الذي نأخذ به في العبادات والمعاملات، وكيف بما يرتقي من (الضعيف) إلى مقام (الحسن)؟! "
سبق تناول الحديث ونعيده تماما للفائدة:
الخطأ نزول الله للسماء وهو يخالف أن الله ليس جسم حتى ينزل مكان كما أن نزوله فى مكان هو السماء الدنيا هنا يعنى أنه يشبه خلقه فى الأفعال والصفات وهو ما يخالف قوله "ليس كمثله شىء "كما أن الله يغفر ويرزق ويعافى فى غير ذلك من الأيام وهو خارج الكون فما الحاجة إلى نزوله – وهو لا ينزل – فى تلك الأيام إذا كان ما يفعله فى هذه الأيام يفعله باستمرار .
ثم قال :
"2 - نحن نقلد من أجاز، وهم يقلدون من منع، ولكل من الجانبين دليل يطمئن إليه، فهل من الإنصاف العلمي أن يبيحوا لأنفسهم تقليد من شاءوا، ويمنعوننا من تقليد من نشاء، (وسنذكر أسماء من أجاز ومن منع فيما بعد) "
والمشكلة ليست فيمن أجاز أو منع المشكلة أننا لا نستمع لكلام الله فمن أجاز أو منع يجب أن يكون كلامه مبنى على كلام الله
ثم تناول الدعاء المشهور فى تلك الليلة فقال:
"ثامنا: الدعاء المشهور اللهم يا ذا المن:
1 - أما الدعاء المشهور، فقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (68/ 6)، وابن أبي الدنيا في الدعاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، وورد كذلك عن ابن عمر قال:ما دعا قط عبد بهذه الدعوات إلا وسع الله عليه في معيشته: (يا ذا المن فلا يمن عليه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت، ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، ومأمن الخائفين، إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا، فامح عني اسم الشقاء، وأثبتني عندك سعيدا، موفقا للخير، (وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروما أو مقترا علي في الرزق فامح حرماني، ويسر رزقي، وأثبتني عندك سعيدا، موفقا للخير)، فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب))
2 - وأخرجه ابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود أيضا بلفظ: (اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني في السعداء، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء وأثبتني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب)ونقله الإمام اللغوي المحدث مرتضى الزبيدي في شرح الإحياء بسنده عن عبد الله بن مسعود وأقره
3 - نقول: ومثل هذا الدعاء مع الإخبار بأن الداعي به يوسع عليه في رزقه إلخ، لا يكون أبدا إلا بتوقيف نبوي، فليس من شأن صحابي ولا غيره أن يخبر بجزاء عمل غيبي [فيكون بذلك له حكم المرفوع]،وبخاصة أن النبي (ص) حي، والوحي مخصوص به، لا ينزل إلا عليه؟! وآداب الصحابة لا تأذن لهم بأن يقدموا بين يدي الله ورسوله كما أن بعض المراجع تسند بعض ألفاظ هذا الدعاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيكون معنى هذا أنه دعاء كان معروفا للصحابة متداولا بينهم، ولم ينكره منهم أحد،والله تعالى لا يشترط في استجابته للدعاء أن يكون نبويا
4 - أما بقية الدعاء من عند قولهم: (إلهي بالتجلي الأعظم) إلى نهايته؛ فقد زاده الشيخ (ماء العينين الشنقيطي) وذكره في كتابه (نعت البدايات)، ولا بأس به، فالاجتهاد في الدعاء سنة نبوية مقررة وعلى الداعي أن يتجاوز عن العبارة التي أثارت الخلاف منه، وهي قوله في وصف ليلة النصف (التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم)، والراجح أنها مدسوسة عليه، أو أنه سار فيها على الرأي غير المشهور؛ إذ النص القرآني على أن هذا الفرق يتم في ليلة القدر والتعبير بالمضارع في (يفرق) يدل على الاستمرار، وفيه الرد على من قال: إن ليلة القدر كانت مرة واحدة لا تتكرر، فلا داعي للاهتمام بها أيضا (عندهم) ونعوذ بالله من تجلط الفكر، ولزوجة الذهن وضيق الأفق العلمي "
بالقطع هذا الدعاء مخالف لكتاب الله فالله لا يغير ما قضاه من قبل خالا يطلب منه تغييره وأما ما يمحوه ويثبته فهذا خاص بالأحكام النواسخ والأحكام المنسوخة وتغييرها مثبت فى القضاء والقضاء لا يتغير
الإنسان لا يعلم ما قضاه الله وهو من يكتب مصيره بيده وما يكتبه هو بالكفر او الإسلام هو ما قضاه الله سابقا
ثم نحدث عن ليلة الفرق والإبرام فقال:
"تاسعا: الكلام على ليلة الفرق والإبرام:
وقد اختار عكرمة وطائفة أن ليلة الفرق هي ليلة النصف، وإليه مال الملا علي القاري والإمام القرطبي، لما أخرجه ابن جرير والبيهقي والدينوري والإمام البغوي بإسنادهم، أن الآجال والأقضية تقطع في هذه الليلة وقد حاول الزمخشري والكرماني وأبو الضحى التوفيق بين هذه النصوص فقالوا: إن ابتداء التقدير يكون في ليلة النصف، ويكون الإنزال في ليلة القدر، وهذا القول ينسب أيضا إلى ابن عباس، ولا نحب أن نذهب إلى هذا لصراحة القرآن في أن ليلة (الفرق) هي ليلة (القدر)، وحسبنا من ليلة النصف البركة وقبول الدعاء!! ورفع الأعمال، والتجليات المقدسة، وما بشرت به الأحاديث الشريفة
عاشرا: مسألة المحو والإثبات:
1 - والخلاف في معنى المحو والإثبات (وأم الكتاب واللوح المحفوظ)، وهل هو محو الأقدار أو محو الشرائع؟! كل هذا لم تجمع الأمة على جانب واحد فيه، فهو أمر اجتهادي محتمل لكل ذلك وعندما يدخل الاحتمال، فإنه يسعنا ما وسع غيرنا، وهنا يكون لترجيحنا توجيه المحو إلى الأقدار (ومنها الشرائع) اعتبار الحجية والعلم المنهجي القاطع الجامع، والشمول المناسب لمفهوم الآية
2 - ذلك لأنه ما من عبد يطلب من الله مطلبا من الخير، إلا كان معناه وحقيقته الواقعية هي رجاء الله في أن يمحو عنه مقابله من الشر، فطالب اليسر يسأل الله أن يمحو عنه عسره، وطالب الصحة يسأل الله أن يمحو عنه ضعفه، وطالب الطاعة يسأل الله أن يمحو عنه المعصية
وهكذا مطالب الإثبات في ناحية هي مطالب المحو بالتبعية في الناحية الأخرى، وحسبك في هذا أن تتدبر بعمق قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وقوله تعالى: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)، وقوله تعالى: (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة)
والله يفعل ما يشاء، ولا يسئل عما يفعل، وهو على كل شيء قدير، وقد ذكر سبحانه وتعالى: أنه (يبدل) السيئات حسنات بغاية الوضوح والصراحة، وفي الحديث الثابت قوله (ص): (أتبع السيئة الحسنة تمحها)، وأكدت الآية (إن الحسنات يذهبن السيئات) على ما سبق في علم الله، فلم يعد للجاجة هنا مكان والذي يراجع أدعية القرآن والسنة لا يجدها تعدو أن تكون طلبا للخير واستعاذة من الشر، فالداعي يسأل الله المحو من ديوان السوء والإثبات في ديوان السعود، فالمسألة كلها دائرة في فلك المحو والإثبات الملحوظ، وإن لم يعلن به في القول الملفوظ، وإلا لم يكن هناك معنى لقوله تعالى: (ادعوني أستجب لكم)، وقوله (ص): (الدعاء مخ العبادة) أو قوله: (الدعاء هو العبادة) ،وقوله تعالى: (أجيب دعوة الداع إذا دعان)
3 - والكلام في مسألة القضاء المبرم والقضاء المعلق تؤيدنا، وترغيب المصطفى في قول ما، أو عمل ما، لجزاء ما، أو عطاء رباني معين، يؤيد قضية المحو والإثبات، فقوله صلىالله عليه وآله وسلم: من فعل كذا كان له كذا، ومن أراد أن يكون كذا وكذا فليفعل كذا وكذا
معنى ذلك: أن الله تعالى غالب على أمره، وأنه فعال لما يريد، تعالى عن كل قيد، حتى عن قيد الإطلاق نفسه والحديث الشريف مفعم بالحث على ملازمة الدعاء، رجاء استبدال حال بحال، وقد نقل كبار مفسري القرآن هذا الوجه عن أكثرية السلف، فإنه الوجه المناسب لمعقولية الأشياء، وفي حديث الترمذي: (نفر من قدر الله إلى قدر الله) أي من إثباته إلى محوه، سواء كان على المعنى الحقيقي أو المجازي، وإلا وقعنا في عقيدة (الجبر) التي لا تجعل للدعاء ولا للعمل أثرا فيما سبق به القضاء، وعندئذ يكون أمر الله ورسوله بالدعاء والعمل نوعا من العبث (وأستغفر الله)، وهذا ما وقع ويقع فيه المعترضون على دعاء (ليلة النصف)
4 - وعلى هذا ينكشف أن الزوبعة المفتعلة حول ليلة النصف وما حولها زوبعة مذهبية مغرضة، وليس في جانبها دليل قاطع، اللهم إلا الهوى، وحب الظهور بالمخالفة وادعاء العلم بتجهيل خلق الله، وادعاء الوصاية على دين الله، بل على الله!! فلو أنهم حاربوا في هذه الليلة السهر في البارات والملاهي، والسينمات، وعلب الليل، والكباريهات، والمسارح، والانشغال بمغاضب الله وموجبات سخطه، لكان ذلك من المفهوم والمقبول، ولكنهم في شغل عن ذلك بدفع الداعين عن الدعاء، ورد الطائعين عن الطاعة، وتشكيك العابدين في كل عبادة!! بإشاعة عقيدة (الجبر)، وأنه لا فائدة في الدعاء، لأن ما سبق في علم الله لا يتغير
5 - أما أنهم يعمون عن هذه المناكر الموبقة، ويتجهون تلقاء رواد المساجد يصدونهم عن السبيل، ويحسبون أنهم مهتدون، فذلك ما لا يقبله علم ولا إيمان ولا خلق، ولا عقل عاقل فأحيوا عباد الله ليلتكم بما يوفقكم الله إليه من الطاعات على أنها من نوافل الخير، وادعوا الله لأنفسكم ومخالفيكم فإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء (ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا)
حادي عشر: السلف وليلة النصف:
يقول ابن رجب في (لطائف المعارف) (ص 263): (وليلة النصف من شعبان كان التابعون - كذا - من أهل الشام كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها، ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها ) إلى أن قال: (ووافقهم على تعظيمها طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم ) ثم ذكر أسماء العلماء الذين خالفوهم، ثم نقل عن علماء أهل الشام رضي الله عنهم أنهم فريقان:
أولا: فريق استحب إحياءها جماعة، منهم من يلبسون أحسن الثياب ويتبخرون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم (إسحاق بن راهويه)، وقال: ليس ذلك ببدعة (كما نقله حرب الكرماني في المسائل)، وناهيك بابن راهويه شيخ الإمام البخاري تقى وعلما بالسنة الشريفة
ثانيا: فريق أجاز إحياءها في المنازل، وكرهوا إحياءها في المساجد، وهو قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم الأكبر (واختاره ابن رجب) وفي إحدى الروايتين عن أحمد أنه استحب إحياء هذه الليلة [تخريجا على إحياء ليلتي العيد] لفعل عبد الرحمن ابن الأسود بن يزيد (من التابعين)، وطائفة من أعيان فقهاء أهل الشام (انتهى باختصار)، وناهيك بأحمد وبالتابعين فقها وعلما وورعا فثبت بكل هذا أن السلف اهتموا بإحياء هذه الليلة باتفاق، وإنما اختلفوا في صورة الإحياء وموضعه، وهو اختلاف فرعي على الأصل المسلم به، وبهذا تنقطع حجة القائل بأنها ليلة كالليالي، أو أن إحياءها غير وارد، وكيف يكون ذلك كذلك وفيها كل هذا الاجتهاد العلمي العريض؟! الذي يشد بعضه بكل قوة! ثم إنه إذا صح الخبر عن هؤلاء الأئمة المتفق على علمهم وتقواهم، ثم جاء خبر مخالف له، عن (عويلمة) هذا الزمان ومتعالميه من المقلدة والمتعصبة، وطلاب الشهرة والدنيا، فأي فريق نتبع؟! بعض الحياء أيها الناس!! "
وكل ما قاله ونقله لا يتقث مع كلام الله فالقضاء وهو الإبرام كما سبق القول قال الله انه كان قبل البرء وهو الخلق فى قوله تعالى :
"ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها"
وأما الفرق وهو تفريق الأمور فهو فى ليلة القدر وهى فى رمضان وهى نصوص قطعية لا يمكن لأحد أن يتكلم فيها
ثم نفى الرجل ان يكون لصلاة الرغائب أصل فقال:
"ثاني عشر: بدعية صلاة الرغائب:
أما ما يسمى صلاة الرغائب فلا نقول بها، وقد قال الإمام النووي في المجموع: (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة، تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب (قوت القلوب) و (إحياء علوم الدين)، ولا بالحديث المذكور فيها فإن كل ذلك باطل) اهـ وبنحو ذلك قال الإمام المقدسي وابن رجب؛ ففي أحاديث هاتين الصلاتين انقطاع، وفيها مجاهيل، وهي موضوعة (مكذوبة)، وذكرها في (القوت) و (الإحياء) كان من قبيل حسن الظن بها وعدم العلم بأنها مكذوبة فإحياء ليلة النصف يكون بالأدعية النبوية المأثورة ونحوها من أدعية الصحابة والتابعين والأولياء الصالحين، وبصلاة الليل المعتادة، وقراءة القرآن، والأذكار الشرعية الواردة على اختلاف مراتبها وأسلوبها، ثم بأوراد وأحزاب أهل الله ، وبما يهم الداعي ومن شاء تصدق بما استطاع، فجمع بين الحسنيين، وأمر هذه الليلة كله اختيار، فمن شاء فعل كما فعل السلف، فأحياها منفردا أو في جماعة، والجماعة أفضل فإن يد الله معها، ومن شاء ترك، بلا بغي ولا عدوان، ولا إساءة ولا بذاءة (والعياذ بالله) "
وهذا شىء سحسب له صم تكلم عن تحويل القبلة وكونه فى تلك الليلة فقال:
"ثالث عشر: تحويل القبلة وليلة النصف:
وإن مما يضفي على هذه الليلة قداسة تاريخية ذات معنى، أن في نهارها حول الله القبلة، من بيت المقدس إلى البيت العتيق ، استجابة لرغبة رسول الله (ص)، حين أكثر اليهود اللغط بسبب اتجاهه (ص) إلى بيت المقدس شأن أبيه إبراهيم ، فكان (ص) يقلب وجهه في السماء يطلب من الله أن يوليه قبلة يرضاها، قطعا للجاجة اليهود
فبينما كان رسول الله (ص) يصلي في مسجده صلاة الظهر مستقبلا المسجد الأقصى بالشام، إذ نزل قوله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) الآيات، وكان رسول الله (ص) قد صلى الركعتين الأوليين من الظهر فاتجه في الركعتين الأخريين إلى المسجد الحرام
[وروى الحافظ أبو بكر ابن مردويه عن نويلة بنت مسلم قالت: صلينا الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة فاستقبلنا مسجد إيلياء (أي بيت المقدس) فصلينا ركعتين، ثم جاء من يحدثنا أن رسول الله (ص) قد استقبل البيت الحرام فتحول النساء مكان الرجال، والرجال مكان النساء، فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلون البيت الحرام، فحدثني رجل من بني حارثة أن النبي (ص) قال: (أولئك رجال يؤمنون بالغيب)]
ولذلك سمي (مسجد القبلتين) بهذا الاسم، يزوره من زار مدينة رسول الله (ص) فيما يزور هناك من آثار هي في سبيل الهدم البطىء
وبهذا يصح التوفيق بين الروايات في أحاديث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت العتيق، وهل كانت في جزء من صلاة، أو في صلاة كاملة، وهل كانت صلاة الظهر أو العصر؟ وكلها فرعيات على الأصل الثابت وهو التحويل وهنا قال السفهاء من الناس من اليهود والمشركين: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها (ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها)، وكان الجواب الحاسم من السماء: (قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) ولم يكن هذا الحدث الكبير ليجري بالصدفة (فليس في علم الله صدفة!) وإنما كل ما في علمه سبحانه موقوت بوقته، مرهون بحكمته، محوط بسره، فدل على ما لهذه الليلة المباركة من منزلة وقدسية وفضل، وإن أنكره المنكرون وقلدهم (العويلمة) والببغاوات المتعالمة، بلا تمحيص ولا إنصاف، ولكنه داء المخالفة والتعالم "
الغريب فيما ذكره الرجل أنه لا يوجد نص من الوحى فى كون تحويل القبلة فى تلك الليلة أو فى غيرها لأن هذا أمر غير هام لأن الحوادث تحدث فى أى يوم او اى ليلة ولو جهلنا لكان حادث احتقال لكانت السنة كلها احتفالات وهو أمر لم يحكم الله به
الرواية التى استشهد بها ليس فيها ذكر لأى تاريخ