قراءة فى كتاب حكم القراءة على الأموات
مؤلف الكتاب هو محمد بن أحمد عبد السلام خضر الشقيري الحوامدي وهو يدور حول حكم القراءة على الأموات وسبب تأليفه هو سؤال عن الموضوع سأله أحدهم له فأجاب عليه وفى هذا قال :
"وبعد: فقد سألنا أخ لنا في الله تعالى عن قراءة القرآن هل يصل ثوابها للموتى؟ فأجبناه بما يأتي:
"هديه (ص) في زيارة القبور:
أخرج أبو داود في سننه أنه (ص) كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: "استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل" حديث حسن وأخرج أيضا أبو داود وغيره بإسناد حسن أنه (ص) كان إذا وضع الميت في لحده قال: "بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله "
فليس في هذه الأحاديث أنه قرأ سورة كذا هو ولا أحد أصحابه على القبر كما يفعل ذلك القراء الآن وكذا رواية مسلم عن أبى هريرة قال: زار النبي (ص) قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: "أستأذنت ربى في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" - وفى رواية- "فإن فيها عبرة، فإنها تزهد فى الدنيا وتذكر الآخرة" فظهر أن المعروف عنه (ص) إنما هو الاستغفار، لا تلاوة القرآن وهذا هو المنقول والمعقول أما تلاوة القرآن التي هي أحكام الدين وآدابه، وحلاله وحرامه فلا يمكن أن تفيد الميت شيئا قط، والقرآن والسنة الثابتة معنا على ذلك"
أجاب الرجل عن السؤال بأن لا قراءة للقرآن على الأموات وإنما المطلوب هو الاستغفار وهو معنى الصلاة المذكور فى قوله تعالى "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره"
فالمطلوب فى الميت هو الدعاء فقط ومع هذا خاض الحوامدى فى مسألة أخرى وهو ما ينفع الميت بعد موته فقال:
"فيما ينتفع به الإنسان بعد موته:
نعم ينتفع الميت بكل ما قررته شريعة الإسلام في كتاب الله وهدى رسوله، فقد ورد في الصحيح أنه يكن قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وينتفع الميت بما ورد في حديث: "إن مما يلحق المؤمن عمله وحسناته بعد موته: علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه بعد موته" رواه ابن ماجه وابن خزيمة وينتفع الميت بعد موته بسنة حسنة سنها فعمل بها من بعده كما روى مسلم في صحيحه أنه (ص) قال: "من سن في الإسلام سنة فله حسنة أجرها وأجرمن عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء"
وينتفع الميت بالصدقة عنه كما روى البخاري أن رجلا قال للرسول (ص): "إن أمي توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟ " قال: "نعم" وفى المسند والسنن عن سعد بن عبادة أنه قال: "يا رسول الله إن أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل؟ " قال: "الماء" فحفر بئرا وقال لأم سعد: "فسقي الماء من الصدقات التى ينتفع بها الميت من ولده" وأخرج مسلم أن رجلا قال للنبى (ص): "إن أبي ترك مالا ولم يوص فهل يكفي أن أتصدق عند؟ " قال: "نعم"
وقوله (ص): " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} وينتفع الميت بدعاء المسلمين واستغفارهم له لقوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} وفى السنن مرفوعا: "إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء"
هذا هو الوارد في هذا الباب مما ينفع الأموات من الأحياء، وليس فيها دليل واحد يستأنس به أو يشم منه رائحة جواز قراءة القرآن للموتى أو سورة مخصوصة كسورة (يس) أو غيرها أو عمل عتاقة بسورة الإخلاص مائة ألف مرة أو سبحة بلا إله إلا الله ألف مرة، وسنسرد عليك هنا إن شاء الله أقوال المفسرين والمحدثين والأصوليين وأئمة المذاهب المعروفة، مما يدلك دلالة واضحة على أن كل ما عليه الناس فى مآتمهم وعلى قبورهم، لا يتفق وشرائع الإسلام وهدى الرسول (ص)"
الرجل هنا يفترى على كتاب الله فيقول أن ألموات ينتفعون بعد موتهم بأشياء أورد الروايات فيها والأهم انه أورد الآية " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"وهى آية تناقض كل الروايات فالأعمال المذكورة فى الروايات أخذ الرجل ثوابها فى حياته كما قال تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" والثواب لا يتكرر فلو أنه يتكرر لكانت الحسنات أكثر من هذا بكثير ولكن تحديدها بالعشر أو بالسبعمائة والألف والأربعمائة ألغى تكرار الثواب
والإنسان توقف سعيه وهو عمله بموته وأما عمله غيره كولده فهو ليس من سعيه ولا من عمله ولا أحد يأخذ ثواب أو عقاب على عمل غيره كما قال تعالى " ألا تزر وزارة وزر أخرى"
الغريب أن الرجل ليثبت كلامه عن أن للميت عمل بعد الموت وعن أن القراءة لا تنفع الموتى نقل من كتب المفسرين التالى:
"أقوال المفسرين:
تفسير الإمام ابن كثير:
قال عند قوله تعالى: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى} أي كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها لا يحمله عنها أحد كما قال: {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} ، {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} أي كما لا يحمل عليه وزر غيره كذلك لا يحصل له من الأجر إلا مما كسب هو لنفسه قال: "ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي ومن اتبعه أن القراءة لا يصل ثوابها إلى الموتى لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله (ص) أمته ولا حثهم عليه ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة ولو كان خيرا لسبقونا إليه وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء فأما الدعاء والصدقة فذلك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية من بعده أو علم ينتفع به " فهذه الثلاثة في الحقيقة من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هى من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: {إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس هو أيضا من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا"
تفسير الإمام الشوكاني:
قال عند قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} والمعنى ليس له إلا أجر سعيه وجزاء عمله ولا ينفع أحدنا عمل أحد وهذا العموم مخصص بمثل قوله سبحانه: {ألحقنا بهم ذريتهم} وبمثل ما ورد في شفاعة الأنبياء والملائكة للعباد، ومشروعية دعاء الأحياء للأموات ونحو ذلك ولم يصب من قال إن هذه الآية منسوخة بمثل هذه الأمور، فإن الخاص لا ينسخ العام بل يخصه، فكل ما قام الدليل على أن الإنسان ينتفع به وهو من غير سعيه كان مخصصه لما في هذه الآية من العموم اهـ
تفسير صاحب المنار:
قال في تفسيره عند آية: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} في آخر سورة الأنعام بعد بحث طويل، قال ما حصله:
"إن كل ما جرت به العادة من قراءة القرآن والأذكار وإهداء ثوابها إلى الأموات واستئجار القراء وحبس الأوقاف على ذلك، بدع غير مشروعة، ومثلها ما يسمونه إسقاط الصلاة ولو كان لها أصل في الدين لما جهلها السلف، ولو علموها لما أهملوا العمل بها"
وقال أيضا: "وإن حديث قراءة سورة يس على الموتى غير صحيح، وإن أريد به من حضرهم الموت وأنه لم يصح في هذا الباب حديث قط كما قال بذلك المحدث الدارقطني
وأعلم أن ما اشتهر وعم البدو والحضر من قراءة الفاتحة للموتى لم يرد فيه حديث صحيح ولا ضعيف، فهو من البدع المخالفة لما تقدم من النصوص القطعية، ولكنه صار بسكوت اللابسين لباس العلماء وبإقرارهم له، ثم بمجاراة العامة عليه، من قبيل السنن المؤكدة أو الفرائض المحتمة" قال:"وخلاصة القول إن المسألة من الأمور التعبدية التي يجب فيها الوقوف عند نصوص الكتاب والسنة وعمل الصدر الأول من السلف الصالح
قد علمنا أن القاعدة المقررة في نصوص القرآن الصريحة والأحاديث الصحيحة أن الناس لا يجزون في الآخرة إلا بأعمالهم {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا} وقال تعالى: {واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا} وأن النبي (ص) بلغ أقرب أهل عشيرته إليه بأمر ربه: "أن اعملوا لا أغني عنكم من الله شيئا" وأن مدار النجاة في الآخرة على تزكية النفس بالإيمان والعمل الصالح"اهـ
ونقل رشيد رضا عن الحافظ ابن حجر أنه سئل عمن قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه: "اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف سيدنا رسول الله (ص)" قال: فأجاب بقوله: "هذا مخترع من متأخري القراء لا أعرف لهم سلفا"
نقول : "إن كثيرا من المتمشيخين الذين لم يفهموا معنى آية من الكتاب العزيز ولم يفهموا معنى آية {وما آتاكم الرسول فخذوه} ولا معنى الحديث الصحيح: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وحديث: "وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" ، هؤلاء هم الذين يتأكلون بالقرآن فحسابهم على الله"
إثبات أن القراءة وهى من عمل الغير لا تنفع الميت يتنافى مع إثبات الرجل أن الولد الصالح ينفع الميت بالدعاء وغيره فلو كان الدعاء ينفع لنفعت القراءة لأن القراءة كالدعاء تصدر من نفس الشخص
وحقيقة الدعاء للميت أنه يتوافق مع المسلم ولا يتوافق مع الكافر والدعاء لا يزيد هذا ثوابا ولا ذاك عقابا وكل ما فى الأمر أن الدعاء وهو الصلاة طلبت عند دفن الميت
ثم استشهد الرجل بالروايات على وجود اعمال من الغير تنقع الميت فقال:
"أقوال أئمة الحديث:
قال الإمام النووي في (شرح مسلم) في باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه عند حديث عائشة أن رجلا أتى النبي (ص) فقال: "يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فلها أجر إن تصدقت عنها؟ " قال: "نعم"قال الإمام النووي: "وفى هذا الحديث أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصل ثوابها وهو كذلك بإجماع العلماء وكذا أجمعوا على وصول الدعاء وقضاء الدين بالنصوص الواردة في الجميع ويصح الحج عن الميت والصوم للأحاديث الصحيحة فيه، والمشهور من مذهبنا أن قراءة القرآن لا يصله ثوابها"اهـ
وقال الإمام الصنعاني في كتاب (سبل السلام) عند حديث ابن عباس قال: مر رسول الله (ص) بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: "السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر" رواه الترمذي بإسناد حسن
قال: "في الحديث دليل على أن الإنسان إذا دعا لأحد أو استغفر يبدأ بالدعاء لنفسه والاستغفار لها، وعليه وردت الأدعية القرآنية {ربنا اغفر لنا ولإخواننا } ، {واستغفر لذنبك وللمؤمنين} وفيه أن هذه الأدعية ونحوها نافعة للميت بلا خلاف وأما غيرها من قراءة القرآن له فالشافعي يقول: "لا يصل ذلك إليه! ""
وقال الإمام الشوكاني في شرح المنتقى: "والمشهور من مذهب الشافعي وجماعة من أصحابه أنه لا يصل إلى الميت ثواب قراءة القرآن"
ونقول : إن مما يدل دلالة واضحة على أن القرآن لا ينفع الموتى ولا يتلى على قبورهم قول رسول الله (ص) فيما رواه البيهقي بلفظ " اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا" وأيضا: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا" رواه الترمذي والنسائي وأبو يعلى والضياء المقدسي، وصححه السيوطي في الصغير فلو كان القرآن يتلى لنفع الأموات ويقرأ على قبورهم لما قال النبي (ص) الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم- "أقرؤوا وصلوا فى بيوتكم ولا تجعلوها قبورا" وإنما قال هذا لأن القبور ليست محلا لقراءة القرآن ولا للصلاة، ولهذا لم يرد حديث واحد بسند صحيح ولا حسن مقبول أنه (ص) قرأ القرآن ولا شيئا منه مرة واحدة في حياته كلها مع كثرة زيارته للقبور وتعليمه للناس كيفية زيارتها"
وكما قلنا كلام الروايات غير مفيد لقوله تعالى " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" فهنا العمل المفيد للمسلم هو عمله والعمل المدخل النار للكافر هو عمله ولم يذكر الله أعمال الغير وهذا الكلام وهو نفع عمل الغير للميت لدخل الكفار الجنة بسبب وجود من يدعو لهم أو يعطيهم ثواب حسناته
ورغم أن الكلام السابق تكرر فى التفاسير وفى أقوال اهل الحديث فقد أصر المؤلف على أن يكرر الكلام ثالثا بنقل أقوال المذاهب فى الموضوع فقال:
"أقوال أئمة المذاهب الأربعة:
مذهب أبى حنيفة:
قال في كتاب الفقه الأكبر للإمام ملا علي القاري الحنفي (ص 5) : "ثم القراءة عند القبور مكروهة عند أبى حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله في رواية لأنه محدث لم ترد به السنة" وكذلك قال شارح الإحياء (ج ص 85)
مذهب الشافعي:
استدل الإمام الشافعي على عدم وصول ثواب القراءة بآية {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} هو وبحديث: "إذا مات الإنسان انقطع عمله " الخ
وقال النووي في شرح هذا الحديث: "وأما قراءة القرآن وجعل ثوابها للميت والصلاة عنه ونحوها، فذهب الشافعي والجمهور أنها لا تلحق الميت"اهـ، وكرر ذلك في عدة مواضع من شرح مسلم وقال وفى شرح المنهاج لابن النحوي: "لا يصل إلى الميت عندنا ثواب القراءة على المشهور"اهـوسئل العز بن عبد السلام عن ثواب القراءة المهدى للميت هل يصل أولا؟ فأجاب بقوله: "ثواب القراءة مقصور على القاريء ولا يصل إلى غيره" قال: "والعجب من الناس من يثبت ذلك بالمنامات وليست المنامات من الحجج "
مذهب المالكية:
قال الشيخ ابن أبى جمرة: "إن القراءة عند المقابر بدعة وليست بسنة كذا في المدخل وقال الشيخ الدردير في كتابه الشرح الصغير (ج ص80) : "وكره قراءة شيء من القرآن عند الموت وبعده على القبور لأنه ليس من عمل السلف وإنما كان من شأنهم الدعاء بالمغفرة والرحمة والاتعاظ"اهـ وكذلك في حاشية العلامة العدوي على شرح أبى الحسن
مذهب الحنابلة:
قال الإمام أحمد لمن رآه يقرأ على القبر: "يا هذا إن قراءة القرآن على القبر بدعة" وهو قول جمهور السلف وعليه قدماء أصحابه وقال أيضا: "والقراءة على الميت بعد موته بدعة"
وقال: "ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا أو قرؤوا القرآن أن يهدوا ثواب ذلك إلى موتى المسلمين، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف"
وأما حديث "اقرؤوا على موتاكم يس" فهو حديث معلول مضطرب الإسناد مجهول السند وعلى فرض صحته فلا دلالة فيه قطعا، فإن المراد من قوله "موتاكم" أي من حضرته مقدمات الموت
وإذا كانت قراءة القرآن تصل إلى الميت لما دخل أحد من المسلمين النار لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول {ألم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف " أخرجه الترمذي وقال: "حديث صحيح غريب إسناده" وهو صحيح (مم) وإذا كانت القراءة تصل إلى الموتى فما بال الأحياء لا يضعون آلات تسجيل على القبور يتلى فيها القرآن ليل نهار؟؟ {فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا} ؟!"
وأصر المؤلف على تكرار الكلام للمرة الرابعة فنقل كلام علماء الأصول فقال:
كلام علماء الأصول:
"قال صاحب كتاب "طريق الوصول إلى إبطال البدع بعلم الأصول" بعدما ذكر قاعدة أصولية نفيسة ما نصه: "من هذه القاعدة الجليلة تعلم أن أكثر ما تفعله العامة، هو من البدع المذمومة، ولنذكر لك أمثلة:
الأول: قراءة القرآن على القبور رحمة بالميت، تركه النبي (ص) وتركه الصحابة مع قيام المقتضى للفعل، والشفقة للميت وعدم المانع منه، فمقتضى القاعدة المذكورة يكون تركه هو السنة وفعله بدعة مذمومة! وكيف يعقل أن يترك الرسول (ص)شيئا نافعا لأمته يعود عليها بالرحمة ويتركه الرسول (ص) طول حياته ولا يقرؤه على ميت مرة واحدة
الثاني: قراءة الصمدية بعدد معلوم أو الجلالة بعدد معلوم القرآن في ذاته عبادة لقارئه يتقرب بقراءته وبسماعه إلى الله تعالى ولا ينازع في ذلك أحد، إنما النزاع في قراءته للميت ليكون عتقا لرقبته من النار: مع العلم بأن القرآن ما نزل للأموات وإنما نزل للأحياء نزل ليكون تبشيرا للمطيع وإنذارا للعاصي، نزل لنهذب به نفوسنا ونصلح به شؤوننا، أنزل الله القرآن كغيره من الكتب السماوية ليعمل على طريقه العاملون، ويهتدى بهديه المهتدون، قال جل شأنه:
{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما}
فهل سمعتم أن كتابا من الكتب السماوية قرىء على الأموات أو أخذت عليه الأجور والصدقات؟! ويقول الله خطابا لنبيه: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين}
أكان النبي (ص) يقرأ على أصحابه عددا معلوما في الصمدية أو عددا معلوما من الجلالة ليكون ذلك عتقا لرقبتهم وإنقاذا لهم من النار؟! مع العلم بأن من ليس بمعصوم في حاجة إلى تكفير السيئات ورفع الدرجات، أم كانت سنته أن يدفن الرجل من أصحابه ويذهب كل إلى عمله ليس له إلا ما قدم؟ هذه كانت سنته وهذه طريقته، والله تعالى يقول: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} فلنتأس به في الفعل، كما نتأسى به في الترك"اهـ كلام صاحب طريق الوصول"
وكما قلت كل الكلام يكرر نفس الاستدلالات وخلاصته حرمة القراءة للأموات
وعقد المؤلف فصلا للبدع المتعلقة بالموضوع فذكر منها التالى:
"فصل في أشياء تتعلق بذلك:
أما ما يروى عن ابن عمر أنه أوصى بقراءة الفاتحة وخواتيم البقرة على قبره، فهو أثر شاذ لم يصح سنده، ولم يوافقه عليه أحد من الصحابة، وكذلك ما يروى من قراءة الفاتحة والصمدية والمعوذتين وألهاكم والكافرون وإهدائها لأهل المقابر فباطل لمخالفتها لأقوال النبي (ص)وأفعال أصحابه
ومن البدع : قراءة القرآن في الشوارع والطرقات وعلى أبواب الأضرحة للتعيش والارتزاق، إذ في ذلك تسول فاحش بالقرآن، فهو امتهان للقرآن، والتسول يحرمه الدين الإسلامي تحريما باتا، وهو بالقرآن أشد تحريما، ولكن يجب على العلماء أن يفهموا الحكومة والأغنياء أنه فرض عليهم أن ينفقوا على هؤلاء العميان وأن يستخدموهم في أي عمل كصناعة الزنابيل وخيزران الكراسي وما يليق بهم من الصناعات
ومن البدع : نصب السرادقات (الصواوين) يوم وفاة الميت وعمل السبحة التي هي عبارة عن التهليل ألف مرة من المعزين ويهبون ثوابها للميت، وأصلها منام رآه بعض المتمشيخين فأذاعه بين إخوانه الجهلاء فاتخذوها سنة! ثم حديث " من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد أشترى نفسه من النار"، موضوع، وفيه مجاشع الكذاب
ومن البدع : والمنكر أنهم يجددون الحزن كل خميس بعد وفاة الميت إلى يوم الأربعين أو إلى أول عيد له، ويعملون السرادقات ويحضرون القراء وينتظرون مجيء الناس إليهم للتعزية، وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح عن عبد الله البجلي قال: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة" وقال الشافعي: يكره الجلوس للتعزية! " وقال الأوزاعي: مثله وقال الإمام أحمد: وهو من فعل الجاهلية" وأنكره
من البدع : ذهاب النساء والرجال إلى المقابر في الأعياد والجمع ومعهم القرص والبلح لتوزيعها على القراء وغيرهم ومن عيوب القراء أنهم يقولون للجالسات على القبر: اقرأ سورة هنا ياست!؟ثم يتشاجر معها بعد القراءة لقلة ما تعطيه، وهذا قبيح جدا يحط من كرامة القراء ورجولتهم وعلاج ذلك أن تمنع الحكومة في شدة وحزم هذه المهازل قبل وقوعها، فلا تسمح للنساء بالخروج إلى المقابر وتجري على هؤلاء ما يغنيهم عن ذلك، كما يجب على العلماء أن يذكروا وينكروا ذلك العمل عند كل مناسبة
ومن البدع : تسهير القراء في شهر رمضان، إذ لم يكن هذا من فعل السلف الصالح ولا هو من تعليم الرسول (ص)وليس في الكتب الصحيحة بل ولا غيرها ما يدل على جواز ذلك إنما المطلوب شرعا أن نتدارس القرآن، كما ورد أنه صلى الله عليه وآله وسلم: "كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان شد مئزره وأحيى ليله وأيقظ أهله"، رواه البخاري ومسلم وغيرهما
ومن البدع :: قراءة سورة يس 40 مرة بقصد إهلاك شخص أو إضرار طائفة، وغاب عن هؤلاء أن الله أنزل القرآن شفاء ورحمة، وأرسل الرسول رحمة للعالمين، وما أنزل الله علينا القرآن لنشقى، وهذا من الجهلاء شنيع، لكنه من أهل العلم أشنع وأفظع، ولكن ضللهم هؤلاء بقولهم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خذ من القرآن ما شئت لما شئت، (ويس) لما قرئت له" وكلاهما باطل لا أصل له!!
ومن البدع : قراءة سورة الكهف بالمساجد على الهيئة المعروفة، والسنة أن يقرأها يوم الجمعة كل مسلم ومسلمة لحديث " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" وفى رواية " أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق" وهذان الحديثان ضعيفان، وهما يفيدان أن الكل مطلوب منه قراءة سورة الكهف ولكن التشويش بها من قارىء واحد ممنوع شرعا وعقالا، وفى الحديث " لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" رواه مالك في الموطأ وأبوداود في سننه
وروى الإمام أحمد ومسلم والنسائي مرفوعا: "من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال "
ومن البدع : قراءة سورة تبارك جماعة على صوت واحد كما يفعل ذلك جماعة الخلوتية وغيرهم، أما السورة نفسها فقراءتها سنة لحديث: "إن سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهى تبارك الذي بيده الملك " رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان
ومن البدع : قراءة سورة الفاتحة لروح النبي (ص) بعد صلاة الظهر، وقراءتها بعد صلاة العشاء لروح عمر وبعد صلاة المغرب لروح عثمان وبعد صلاة العشاء لروح على، ويعتقدون أنهم بهذا يحضرونهم عند تغسيلهم بعد الموت أو عند سؤال القبر، وتلك بدع وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان!
ومن البدع : قول بعض المصلين عقب التسليم من صلاة الجمعة فورا: "الفاتحة لسيدي الحسين" أو يقول "للسيد البدوي" أو (الفاتحة على هذه النية) وهذا جهل قبيح، ولكن لماذا يقره العلماء ويسكتون عليه؟ الحق أن الكل أجمع على ترك أوامر الدين إنا لثه وإنا إليه راجعون
ومن البدع : تعليق المصحف على الصغير أو الكبير والسيارة كحجاب أو للنظرة وكذا من البدع كتابة شيء من القرآن لهذا الغرض والمشروع قراءة آية الكرسي عند النوم أو المعوذتين أو قراءة الأدعية الواردة في السنة لهذا فليعلم
ومن البدع : تعليق سورة {ألم نشرح} في ورقة على الدكاكين لجلب الزبون، والمطلوب حسن المعاملة وحسن الخلق والصدق وعدم رفع الأسعار، فإن هذا حقا يجلب الزبون، وقد نهى الإسلام عن التعليق حتى قال رسول الله (ص): "من علق تميمة فقد أشرك"
ومن البدع : أنهم عندما يمرون بقبر أو تابوت أو قبة يتجهون إلى القبلة رافعين أيديهم إلى السماء قائلين؟ الفاتحة لصاحب هذا المقام ويكثرون من الدعاء، ثم يمسحون وجوههم بأيديهم قائلين: "راعنا يا سيدي راعنا سقت عليك النبي"، وهذا منهم بدعة وجهل وضلال، وهذه كبدعة زائري القبور، فإنهم أيضا يقولون: الفاتحة لروح أمواتنا وأموات المسلمين كافة عامة، ثم يقولون يا حي يا قيوم، ويقرأون الفاتحة
ومن البدع : أنهم عند خروجهم مثلا من مصر أو غيرها من البلاد عند قيام القطار يقول قائلهم: "الفاتحة لأولياء الله على العموم (نظرة يا أسيادي) " ويقرؤونها، ثم يقولون: "نظرة يا أهل البيت خلوا بالكم معنا" والمشروع أن يلجأ إلى الله تعالى، فقد قال رسول الله (ص): "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي وغيره
ومن البدع : أنهم ينذرون لأصحاب القبور النقود والذبائح4 السنوية وأيضا قراءة الختمات وما إلى وبمناسبة الكلام على الذبائح، فإنه يحرم الذبح عند خروج الجنازة، وعند الدفن، وهو عقر كان يفعل في الجاهلية، ولحمه نجس لا يؤكل كما يحرم الذبح عند القبر ولو نوى صاحبه أنه لله! وفى ذلك حديث صحيح
ذلك، ولاشك أنه حدث في الدين، ومخالفة صريحة لطريق خاتم المرسلين ومن تابعه من العلماء الصالحين
قال في (سبل السلام) : "وأما النذور المعروفة في هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام في تحريمها! لأن الناذر يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر، ويعافى الأليم، ويشفى السقيم وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان بعينه، فيحرم كما يحرم النذر على الوثن، ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك ويجب النهي عنه، وإبانة أنه من أعظم المحرمات، وأنه الذي كان يفعله عباد الأصنام لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكرا، والمنكر معروفا إنا لله وإنا إليه راجعون""
المؤلف هنا ذكر بدعا لها علاقة بالموضوع وهو القراءة للأموات وذكر بدعا أخرى ليس لها أى علاقة لها بالموضوع وهى:
ومن البدع : تسهير القراء في شهر رمضان ومن البدع :: قراءة سورة يس 40 مرة بقصد إهلاك شخص أو إضرار طائفة ومن البدع : قراءة سورة الكهف بالمساجد على الهيئة المعروفة ومن البدع : تعليق سورة {ألم نشرح} في ورقة على الدكاكين لجلب الزبون"
وتكلم الرجل محذرا وناصحا الناس فقال:
"نصيحة ثمينة وتحذير مخيف:
بعدما تقدم من فتاوى المذاهب الأربعة فليتق الله هؤلاء الذين جعلوا من القرآن بضاعة للموتى، وهو الدستور السماوي الذي أنزله تعالى للأحياء لا للأموات: {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين}
وليتق الله أيضا هؤلاء القوم الآثمون المسمون (قراء) فلا يأكلون أموال الأرامل والأيتام وغيرهم بالباطل وقد نهى الرسول (ص) عن التكسب بالقرآن في أحاديث صحيحة كثيرة سبق ذكر بعضها
وليتق الله كذلك هؤلاء العلماء الساكتون عن الحق، وقد أخذ الله سبحانه منهم المواثيق أن يقولوا الحق للناس ولا يكتموه مالا استحقوا اللعن وليتق الله أخيرا هؤلاء الناس الذين يضيعون أموالهم على أولئك المرتزقة فيأثمون معهم ويساعدونهم على ارتكاب البدع ومعصية الله تعالى ورسوله (ص)
وعاد الرجل لذكر بدع أخرى فقال:
"ومن البدع : المنكرة تلقين الميت، والحديث الوارد فيه غير صحيح كما قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (- 56) وضعفه النووي وغيره وكذلك الصنعاني في (سبل السلام- : 6) لذا كان العمل به بدعة وهو يجلب السخرية كأن الملقن يريد تلقين الميت الإسلام من جديد وقد كان من هديه (ص) تلقين الأحياء المشيعين حين الدفن فيذكرهم بالموت وما بعده في هذا الموقف الرهيب فما أروع السنة! وما أبغض البدعة، وما أقبح نشازها
ومن البدع : الأذان عند دفن الميت، وإشادة القبر ورفعه أكثر من التراب الخارج منه، والبناء عليه
ومن البدع : الجنائز المنكرة وضع الجريد والآس والأزهار فوق القبر كما يفعله كثير من الناس الآن، لأن ذلك مخالف لما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، ولا تأثير له، وإنما التأثير للعمل الصالح وأما ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس من أن النبي (ص)مر على قبرين فقال: "إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة" ثم دعا بعسيب رطب فشقه اثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا وقال: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" فقد أجاب عنه الخطابي بقوله: "وأما غرسه شق العسيب على القبر وقوله: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" فإنه من ناحية التبريك بأثر النبي (ص)ودعائه بالتخفيف عنهما" إلى أن قال: "وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس!! " انتهى بتصرف عن رسالة (منكرات المآتم والموالد لوزارة الأوقاف المصرية) فيا لضياع أموال المسلمين في سبيل الشيطان والرياء والبدع!!
ومن هذه البدع : المنكرة للجنائز ستر النعش والقبر بقماش لزيادة تضليل العامة للتوسل والاستغاثة بصاحبه مما هو شرك، ومن هذه البدع أيضا دفن الميت في غير مقبرة المسلمين، مما يحرم الميت من دعاء الزائرين للقبور، وأخطر هذه البدع وأشدها نكارة دفن الميت في المسجد، وقد نهى الرسول (ص)عن ذلك نهيا شديدا في أحاديث عديدة والصلاة في المسجد الذي فيه قبر غير جائزة إلا للضرورة ويستثنى من ذلك مسجد الرسول (ص) بسبب خصوصية فضل الصلاة فيه بألف صلاة
وينبغي أن نذكر بهذه المناسبة أن القبر الشريف لم يكن في المسجد، إنما صارفيه حين توسعة المسجد أيام الوليد بن عبد الملك، ولم يكن في عهده أحد من الصحابة لينكر عليه ذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون
ومن البدع : المحرمة في زيارة القبور الوقوف أمامها بخشوع وتقبيلها والارتماء على أعتاب قبور الصالحين والتمسح بها والطواف حولها وتعليق القناديل وإيقاد الشموع عليها وربط الخرق على قضبان وشريط نوافذها للتبرك والاستغاثة أو التوسل بها إلى الله تعالى
ومن البدع : المنكرة شد الرحال لزيارة قبور الصالحين بالسفر إليها وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا" رواه البخاري ومسلم وفى رواية: "وإنما يسافر إلى ثلاثة مساجد، مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيليا" أخرجه البخاري باللفظ الأول ومسلم باللفظ الآخر وإيليا القدس وقد أحي هذه السنة بعدما كادت أن تدرس الإمام ابن تيمية وسجن لأجلها، ومما يؤسف له أن الشيخ أبا زهرة فهم من كلام ابن تيمية تحريمه لزيارة القبور مطلقا، فصرح بذلك في المهرجان الذي أقيم لشيخ الإسلام بدمشق فكان مما قاله: "لابد لنا من زيارة قبر ابن تيمية، ولو كان يحرم زيارة القبور " فهو لم يقدر أن يفرق بين تحريم شد الرحال لزيارة القبور، وبين استحباب زيارتها دون شد الرحال وهاهو ذا الإمام النووي يذكر لنا آداب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو سيد ولد آدم وصاحب الفضل العظيم على أمته، وهذه الآداب مقتبسة من السنة النبوية الصحيحة، فما أجدرها بأن تكون لنا درسا في التأدب في زيارة من هو دون مرتبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك كيلا نقع في براثن الوثنية، ونحن نظن أننا نحسن صنعا
فيقول: "لا يجوز أن يطاف بقبره (ص)ويكره إلصاق البطن والظهر بجدران القبر"، قال الحليمي وغيره: "ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد منه"، هذا هو الصواب، وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه وينبغي أن لا يغتر بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك، فإن الإقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء؟ ولا يلتفت إلى محدثات العوام وجهالاتهم وقد أحسن التابعي الجليل أبوعلي الفضيل بن عياض في قوله: ما معناه؟ "اتبع طرق الهدى ولا يغرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين! " ومن خطر في باله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة فهو من جهله وغفلته، لأن البركة إنما هي فيما وافق الضرع وأقوال العلماء، وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب! (مناسك الحج 68)
وجاء في رسالة (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) : "ومذهب الأئمة الأربعة، وغيرهم من أئمة الإسلام: أن الرجل إذا سلم على النبي، وأراد أن يدعو لنفسه، فإنه يستقبل القبلة، واختلفوا في وقت السلام عليه، فقال الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد: "يستقبل الحجرة ويسلم من تلقاء وجهه"، وقال أبو حنيفة: "لا يستقبل الحجرة وقت السلام، كما لا يستقبلها وقت الدعاء باتفاقهم! "
فأين هذه التوجيهات مما نراه اليوم في كثير من بلاد المسلمين؟!
تحدثنا فيما سبق عن بعض البدع والأوهام والمنكرات المتعلقة بالقرآن العظيم وتقاليد الجنائز والمآتم، وهى على الرغم من وزر العاملين بها والمقرين لها والساكتين عنها، لها مساوىء وأضرار مالية واجتماعية تنهك القوى وتبدد الثروة العامة، وما أحسن قول الشاعر:
ثلاثة تشقى بهن الدار العرس، والمأتم، ثم الزار!
ومما يؤسف له أن المسلمين المتأخرين بسبب جهلهم بالإسلام، يبدون سخاءهم وكرمهم على مثل هذه البدع المحرمة، بينما يبخلون على إنفاقها في المشروعات العامة النافعة كتقديم الأموال لتشييد المعامل الحربية وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها كما كان يفعل الجدود السالفون وقد كنت قلت في إحدى المناسبات أعطوني ما ينفقه العالم الإسلامي من الأموال التي تبلغ بضعة ملايين يوميا على المآتم، وتشييد القبور، وعلى القراء المحترفين، وغير ذلك من البدع، مما هو منكرو حرام يغضب الله تعالى ويعرضكم لناره، وأنا كفيل بأن أغير لكم وجه هذا العالم الإسلامي، فيصبح من دول الدنيا الكبرى"
ومما سبق الحكم هو أن الميت لا ينفعه سوى عمله وحده فى حياته ولا ينفعه أى شىء بعد مماته ولذا جعل الله سبب دخول الجنة العمل كما قال " ونلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
وكل ما قيل عن شىء ينفع الميت بعد موته هو باطل فحتى الشفاعة هى تحصيل حاصل بمعنى أنها تأكيد على حكم الله فلا تغير حكم الله لكونها شهادة على كون الرجل مسلم بينما الله هو الشاهد وقد سجل الحياة كلها صوتا وصورة