يقول المولى سبحانه وتعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}
وكذلك لا يبيح الإسلام للمسلمين استرقاق أهل الكتاب الذين يعيشون بينهم والذين أمنهم على أنفسهم وأهلهم وأموالهم وكذلك الذين ليس لهم كتاب كعبدة الأوثان، والذين لم نحاربهم فالصحيح أن استرقاقهم لا يجوز مطلقا ولقد أغلق الإسلام كل أبواب الرق التي كان السابقون يتخذونها ذريعة إلى الاستعباد والتحكم الأعمى في رقاب بني آدم الذين كرمهم الله وفضلهم على جميع المخلوقات وأحل لهم الطيبات وجعل فيها رزقهم: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء الآية 70)فلا أسر بدون حرب، ولا نهب للناس، ولا استعباد بالدين أو المراهنة أو القوة أو الاستحسان "
ورغم كون الرجل حرم استرقاق الإسلام الكل فى كل الأحوال فإنه عاد وناقض نفسه فذكر وجود استرقاق لأسرى الحرب فقال :
"ولقد حاول الإسلام جهده أن يلغي ذلك النظام ويحول دون انتشار الرق بشتى الوسائل فقد قال فقهاء الإسلام:
"إن كل من أسلم قبل الأسر في الحروب بين المسلمين وغير المسلمين عصم نفسه وماله وإن مجرد دخول العدو المحارب دار الإسلام أمان له من السبي وإذن فالرق الموجود في الإسلام إنما يكون في حالة واحدة هي الحرب التي شرعها الإسلام لحماية الدعوة والدفاع عن أنفس المسلمين كما جاء في قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز, الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} فهذه الآيات تفيد ما يأتي:
أولا: أن تشريع القتال في الإسلام إنما كان لحماية الدعوة، وحماية المؤمنين المضطهدين فهو دفاع لا هجوم ووسيلة لغاية شريفة
ثانيا: أن القتال من هذا النوع هو من باب ما يقال (القتل أنفى للقتل) فالمراد به هو استقرار السلام وضمان الحريات العامة, فالحرب التي يقوم بها المسلمون لحماية دعوتهم تستوجب ظهور الإيمان ونصرة العقيدة، بدون إكراه لغيرهم، فلقد كانت بيوت العبادة لليهود وللنصارى قائمة بجانب المساجد وكانت هناك دائما حرية العبادة للجميع
ثالثا: أن الغاية من حرب الإسلام هي أن يتمكن المسلمون من إقامة شعائر الدين بكل حرية ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكرومعنى ذلك أن يتحقق وجود العالم الأفضل الذي أراده الله لعباده وتستأصل الرذائل والشرور من هذه الأرض
فإذا قامت الحرب واشتدت وتعرض الطرفان للقتل والأسر فماذا سيصنع الأعداء بأسرى المسلمين؟
لا شك في أنهم سيأخذونهم رقيقا عندهم فهل يطلق المسلمون الحرية لأسرى أعدائهم بينما المسلمون الأسرى هم عبيد لغيرهم يباعون ويشترون؟
لذلك نجد الإسلام جعل هذه الحالة ضرورة وقتية تزول بزوال أسبابها ودوافعها وجعل أيضا معاملة العدو بمثل معاملته، وحيث أنه لم تكن هناك قوانين عامة تحمي أسرى الحرب من الاسترقاق، فليس هناك وسيلة للضغط على العدو من أجل تحسين معاملة الأسرى الذين يقعون في يده ومحاولة استخلاصهم من الرق والإسلام لم يوجب هذا الاسترقاق الذي جاء عن طريق الحرب، بل أباح الخيار بين أن يقبل الفداء من أسرى العدو أو يمن عليهم بإطلاق سراحهم بدون فداء، وهذا ما صرحت به الآية الكريمة فقال تعالى: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها}"
ما ذكره من كون الأسر استرقاق هو ضرب من الخبل فالاسترقاق يوجب بقاءهم فى عهدة المسلمين حتى يموتوا ولكن الله شرط انتهاء الأسر بانتهاء الحرب
ثم ضرب الجمل أمثلة من التاريخ عن اطلاق سراح الأسرى فى بدر وفى حطين فقال:
"ولقد تأسى الخلفاء الراشدون والصالحون من بعدهم بما جاء به القرآن الكريم وما فعله الرسول الأمين، فكثيرا ما كانوا يمنون على الأعداء المقاتلين بالفداء أو بدونه ويتركونهم ابتغاء وجه الله وكثيرا ما كانت هذه المعاملة الحسنة تأسر قلوبهم
ولقد وجدنا البطل المغوار صلاح الدين الأيوبي قائد الحروب ضد الصليبيين يطلق آلاف الأسرى من أعداء الإسلام الذين أتوا من أوروبا يقصدون الاستيلاء على البلاد وإهلاك العباد والذين هاجموا بلاد المسلمين وكبدوها من الخسائر في النفوس والأموال الكثير
ولن ينس التاريخ ما فعله الرسول الأعظم بأسرى غزوة بدر فقد جعل المفاداة لهم بالمال أو بأسرى مسلمين أو بالقيام بعمل شريف نبيل كتعليم العلم فقد جعل الرسول (ص)فداء كل أسير تعليم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة وتغنى شعراء المسلمين بالمن على الأسرى وإطلاق سراحهم وجعله من أكرم الصفات وأنبل الأفعال إذ يقول شاعرهم:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم إذا أثقل الأعناق حمل المغارم"
ثم تكلم الجمل عن وسائل التخلص من الرق فى الإسلام فقال :
"الإسلام يدعو لتحرير الرقيق:
اعتبر الإسلام الرق عارضا حتى قال العقاد رحمه الله: "شرع الإسلام العتق ولم يشرع الرق؛ إذ كان الرق مشروعا قبل الإسلام في القوانين الوضعية والدينية بجميع أنواعه: رق الأسر في الحروب، ورق السبي في غارات القبائل بعضها على بعض، ورق الاستدانة أو الوفاء بالدين" وغير ذلك مما كان القوم يستحدثونه
ولهذا شرع الإسلام وسائل كثيرة إن حصل رق في حرب وذلك مساعدة للأرقاء على استرداد حريتهم، واستقلالهم، فأوصى الله سبحانه وتعالى بالأرقاء وبالدعوة إلى إطلاق سراحهم وكما أوصد الإسلام كل أبواب الرق المحرمة فإنه فتح أبواب التحرير على مصاريعها لأنه يدعو إلى الحرية ورفع نير الاستعباد والاضطهاد وإزالة كل وسائل الامتهان والاحتقار والسخرية والازدراء، وبهذا ألغى جميع صور ومصادر الرق الأخرى المبنية على الظلم والجور والحيف والتعسف واعتبرها محرمة شرعا لا تحل بحال
دعا الإسلام إلى مكاتبة الأرقاء، وندب إلى إعتاقهم وحث على ذلك فقال تعالى في كتابه العزيز: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} (النور الآية )
ومما ورد في سبب نزولها ما أخرجه ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال: "كنت مملوكا لحويطب بن عبد العزى فسألته الكتاب فأبى فنزلت الآية"
الرواية خاطئة فالرواية تتحدث عن المسلمين الذين عندهم فتيان أو إماء وليس عن كفار كحويطب ثم تحدث عن آية النور فقال :
"بل لقد نهى الشرع الحكيم عن استخدام الرقيق فيما حرم الله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} ومما ورد في سبب نزول هذه الآية ما روي عن ابن عباس بسند صحيح قال: " كانت لعبد الله بن أبي جارية تزني في الجاهلية فلما حرم الزنا قالت: لا والله لا أزني أبدا فنزلت"
فالآية لا تتحدث عن الزنى لأن الزنى محرم ولا يمكن أن يكون مسلما من يشغل فتياته فى البغاء وهو الزنى ولا يمكن أن يبيح الله البغاء بمعنى الدعارة للمسلم بأى شكل من الأشكال وإنما تتحدث الآية عن حرمان البنات من الزواج للحصول على ميراثهن أو التصرف فى أموالهم
ثم بين الرجل وسائل أخرى لتخليص العبيد والإماء من الرق فقال :
"وجعل الشرع الحكيم وسائل فردية تحرى فيها الإسلام العتق وتعجيل فكاك الأسرى ومن ذلك جعله العتق كفارة عن كثير من الذنوب كالقتل الخطأ فقال تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة}
فمما ورد في سبب نزول هذه الآية أن الحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي كان يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج الحارث مهاجرا إلى رسول الله (ص)فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النبي (ص)فأخبره فنزلت الآية
كذلك إذا حنث المسلم بيمينه فإن كفارته أيضا عتق رقبة قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} وكذلك الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا قال تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا}
روت عائشة قالت: "تبارك الله الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله (ص)، وتقول: يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} "
أيضا يحسب من الرذائل المأخوذة على الإنسان السيئ أنه لا يقتحم هذه العقبة أو لا ينهض بهذه الفدية المؤكدة, إنها سبيل إلى رحمة الله، وطريق إلا جنته: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة} وأيضا فقد جعل الشرع الحكيم للإعتاق بابا من أبواب الزكاة، وقسمها سبحانه وتعالى بنفسه وجعل فيها سهما مفروضا لتحرير الرقاب قال تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} ففي الرقاب إنما يكون العتق"
وبعد أن ذكر ما يعلمه من وسائل القرآن فى التخلص من الرق ذكر الروايات فاستهل كلامه برواية لا تتحدث عن الموضوع من قريب او بعيد وهى فى النذر فقال :
وبجانب القرآن نجد السنة توضح وتبين أسبابا للعتق فمن أوجب على نفسه تحرير رقبة بالنذر وجب عليه الوفاء به متى تحقق له مقصوده وتم له مراده
قال (ص): "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"
فلا يوجد أى ذكر للرق أو وسائل التخلص منه هنا ثم ذكر الروايات التالية:
"كذلك من أعتق نصيبه من مملوك عتق عليه كله بالسراية وسلم قيمته لشركائه إن كان موسرا، فعن أبي هريرة عن النبي (ص): "من أعتق شقصا من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعى العبد غير مشقوق عليه"
والرواية هنا لم يقلها النبى (ص) لأنه توجل على معتق نصيبه أن يعتق العبد كله دون أن تذكر هل يملك مالا يفعل به هذا أو لا وهناك رواية أخرى أصح معنى وهى تقول أن لم يكن له مال فقد أعتق نصيبه فقط قم ذكر الروايات التالية:
"وكذلك من ملك ذا رحم محرم عليه كأبيه وأخيه وعمه وخاله، وأمه وعمته وخالته عتق عليه قهرا لقوله (ص): "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" رواه أهل السنن
أيضا من جرح مملوكه عتق عليه، فقد جاء في الحديث: أن رجلا جدع أنف غلامه فقال (ص): "اذهب فأنت حر" فقال: يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال (ص): "مولى الله ورسوله"
ثم ذكر الرواية التالية:
"وأيضا التدبير وهو تعليق عتق الرقيق بموت مالكه روى جابر بن عبد الله قال: "دبر رجل من الأنصار غلاما له وفى لفظ بلغ النبي (ص)أن رجلا من أصحابه أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره فباعه رسول الله (ص)بثمانمائة درهم ثم أرسل بثمنه إليه"
وهى رواية تبقى الرق وليست تمنعه والنبى(ص) لم يمنع عتق أحد لأن الرواية هنا جعلته باع العبد وهو ما يعنى أن أبقاه فى الرق فى عهدة من اشتراه وهو كلام لا يتفق مع رحمته (ص) ثم قال :
"وإذا وطئ حر أمته فأتت منه بولد صارت أم ولد له تعتق بموته لحديث ابن عباس يرفعه: "من وطئ أمته فولدت فهي معتقة عن دبر عنه" رواه أحمد وابن ماجه"
وهى رواية تبيح الاغتصاب وهو ما حرمه الله فأوجب زواج الفتاة بأمر أهلها فقال "فأنكحوهن بإذن اهلهن" وليس جماعها من دون زواج سواء كان زنى برضاها أو اغتصاب دون رضاها
قم بين الرجل ان النبى(ص) والمسلمين ضربوا المثل فى حسن معاملة الفتيان والفتيات بمعاملتهم معاملة الند فى كل شىء فقال :
"القول يتبعه العمل:
لقد ضرب لنا رسول الله (ص)المثل لنقتدي به فكثيرا ما كان يحث الصحابة على حسن معاملة الرقيق وهي القلة الباقية ثم حضهم على العتق والحريةفعن واصل الأحدب قال: سمعت المعمور بن سويد قال: "رأيت أبا ذر الغفاري وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألناه عن ذلك فقال: ساببت رجلا فشكاني إلى رسول الله (ص)فقال لي النبي (ص): أعيرته بأمه؟! ثم قال: إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم" وقال (ص): "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين "وعن ابن مسعود قال: "بينما أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من خلفي: اعلم يا ابن مسعود مرتين فالتفت فإذا رسول الله (ص)فألقيت السوط من يدي فقال: والله لله أقدر عليك منك على هذا"
وبلغ من رحمة رسول الله (ص)أنه كان لا يطيق أحدا أن يقول: كان عبدي وأمتي وأنه أمر المسلمين أن يكفوا عن ذلك، وأن يقولوا فتاي وفتاتي وكان لهذه التربية أحسن الأثر في تحرير الأرقاء ونشر المساواة بين المسلمين
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص)رأى رجلا على دابة وغلامه يسعى خلفه فقال: "يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك روحه مثل روحك فحمله"
ثم روى روايات أخرى منها :
"وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله (ص)أنه قال: "أيما مؤمن أعتق مؤمنا في الدنيا أعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا من النار"
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: "أتينا رسول الله (ص)في صاحب لنا قد أوجب، فقال (ص): اعتقوا عنه يعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا من النار"
وهذه الروايات خاطئة فالعمل الصالح يعتق المسلم من النار كاملا وليس جزء جزء ثم ذكر التالى :
"وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي إلى النبي (ص)فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة فقال (ص): اعتق النسمة، وفك الرقبة فقال: أو ليسا واحدا؟ قال (ص): لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة: أن تعين على فكاكها"ولعل ما عبر عنه القرآن الكريم في سورة البلد فيه خير كثير، فقد من الله على عباده بالنعم التي أنعم بها عليهم فقال سبحانه وتعالى: {ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين} ثم قال بعد ذلك جل وعلا: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة}
ولقد ضرب لنا الصحابة المثل الأعلى في معاملة أرقائهم، فساووهم بأنفسهم بل أحيانا كان يفضل الواحد منهم عبده على نفسه فقد روي أن علي بن أبي طالب قال: "إني لأستحي أن أستعبد إنسانا يقول ربي الله"
ومما روي عن علي أنه أعطى غلاما دراهم ليشتري بها ثوبين متفاوتي القيمة، فلما أحضرهما أعطاه أرقهما نسيجا وأغلاهما قيمة وحفظ لنفسه الآخر وقال له: "أنت أحق مني بأجودهما لأنك شاب وتميل نفسك للتجمل أما أنا فقد كبرت"
ولقد عني الإسلام بنفسية الأسير والرقيق عناية خاصة فقال سبحانه وتعالى يطيب خاطرهم ويفتح باب الأمل في المغفرة وحسن الجزاء {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} "
ثم نقل الجمل نقولا ليس لها فائدة من شهادات الكفار للإسلام بحسن التخلص من الرق ومعاملة الرقيق فقال :
"ولقد أثنى على الإسلام ومعاملته للرقيق كثير من المنصفين من الأوروبيين والمستشرقين، فقد وصف المستشرق (فان دنبرغ) معاملة الإسلام للرقيق في هذه العبارة: "لقد وضع للرقيق في الإسلام قواعد كثيرة تدل على ما كان ينطوي عليه محمد وأتباعه نحوهم من الشعور الإنساني النبيل ففيها تجد من محامد الإسلام ما يناقض كل المناقضة الأساليب التي كانت تتخذها إلى عهد قريب شعوب تدعي أنها تسير في طليعة الحضارة"
نعم إن الإسلام لم يلغ الرق الذي كان شائعا في العالم، ولكنه عمل على كثير من إصلاح حاله، وأبقى حكم الأسير ولكنه أمر بالرفق
يقول جوستاف لوبون: "إن الرق عند المسلمين غيره عند النصارى فيما مضى، وإن حالة الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوروبا، فالأرقاء يؤلفون جزءا من الأسرة ويستطيعون الزواج ببنات سادتهم أحيانا- أي بعد أن يعتقوا- ويقدرون أن يتسنموا أعلى الرتب، وفى الشرق لا يرون في الرقيق عارا، والرقيق فيه أكثر صلة لسيده من الأجير في بلادنا"
ثم طرح الجمل سؤال هو :لماذا لم يبدأ الإسلام بإلغاء الرق؟
وكان جوابه هو "إن الإسلام قد وضع الأساس الأول لإلغاء الرقيق منذ خمسة عشر قرنا من الزمن، ولم يحاول أن يلغيه كما يقولون: بجرة قلم؛ لأن الإسلام دين إصلاح لا هدم، ولو دعا إلى تحرير كل العبيد لاهتز كيان العالم وفسدت المصالح وتعطلت حاجات الناس، وما استطاعوا في ذلك الوقت أن يأخذوا سيرهم في الحياة، فكانت الظروف الاجتماعية التي كانت موجودة عند ظهور الإسلام تحتم على كل مشرع حكيم أن يقر الرق في صورة ما، وتجعل محاولة إلغائه تصاب بالفشل والإخفاق
وأيضا فإن الإسلام لم يقر الرق إلا في صورة تؤدي نفسها إلى القضاء عليه بالتدريج يقول علي عبد الواحد وافي: "ظهر الإسلام في عصر كان نظام الرق فيه دعامة ترتكز عليهما جميع نواحي الحياة الاقتصادية، وتعتمد عليها جميع فروع الإنتاج في مختلف أمم العالم، فلم يكن من الإصلاح الاجتماعي في شيء أن يحاول مشرع تحريمه تحريما باتا لأول وهلة؛ لأن محاولة كهذه كان من شأنها أن تعرض أوامر المشرع للمخالفة والامتهان, وإذا أتيح لهذا المشروع من وسائل القوة والقهر ما يكفل به إرغام العالم على تنفيذ ما أمر به فإنه بذلك يعرض الحياة الاجتماعية والاقتصادية لهزة عنيفة، ويؤدي تشريعه إلى أضرار بالغة لا تقل في سوء مغبتها عما تتعرض له حياتنا في العصر الحاضر إذا الغي بشكل مفاجىء نظام البنوك أو الشركات المساهمة فيكون ضررها أكثر بكثير من نفعها"
ثم يقول على عبد الواحد وافي: "وبذلك كفل الإسلام القضاء على الرق في صورة سليمة هادئة وأتاح للعالم فترة للانتقال يتخلص فيها شيئا فشيئا من هذا النظام"
والإجابة ليست سليمة فسبب عدم تحريم الرق فى أول البعثة هو أن ملاك العبيد لم يسلموا وكانوا هم أكابر الكفار والشريعة تخاطب بأحكامها المسلمين ومن ثم فلم يكن هناك معنى لأمر الناس بإلغاء الرق لكونهم مكذبين بالوحى وإنما كانت الأحكام للمسلمين وهم نفذوها بالعتق وغيره مما قاله الله
فى القرآن أحكام عامة من يفكر فيها سيجدها قاضية على الرق كما فى قوله تعالى " وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" فالمال يوزع بالعدل على الكل معناه تساويهم فى المكانة
ثم تحدث الرجل عن أثر الرق في الإسلام فقال :
"كان سبب الرق في الإسلام وقوع الكافر أسيرا في يد المسلمين عند الحرب، فإذا حارب المسلمين الكفار فمن وقع أسيرا في يد المسلمين عند الحرب جاز للإمام أن يسترقه رجالا كانوا أو نساء وكان الأرقاء يوزعون على المسلمين غنائم حرب كما نص عليه الشرع الحكيم وكما جاء في القرآن الكريم: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير}
ولما كان الإسلام يستبيح الرق في حالة الحرب، وقد انتصر في المعارك التي خاضها في أول العهد بالدعوة فقد كثر الأسرى والرقيق، وكان وجودهم مع العرب بالكيفية التي حث الإسلام على اتباعها معهم له أكبر الأثر في عملية المزج بين العرب وغير العرب .....
ولا يحتج بهم على التشريع للرق في الإسلام لأن أعمالهم وعمل من أتى من بعدهم ليست من الإسلام والإسلام بريء منها لأن معظم الرقيق والجواري لم يكونوا عن طريق حرب إسلامية يدافع فيها المسلمون عن عقيدتهم، وإنما كان عن طريق شراء المخطوفين والمخطوفات والراغبين والراغبات وغير ذلك مما يتبرأ منه الإسلام والمسلمون"
الفقرات السابقة هى عبارة عن تصديق للتاريه الكاذب الذى يبيح الرق والسبى وهو أمر حرمه الله فلا توجد سبايا يتم اغتصابها أو الزنى معها برضاها لأن الله جعل زواج الإماء واجب طالما كن مسلمات فقال "وأنكحوهن بإذن أهلهن " وقال "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
والمجانين الذين شرعوا السبى والرق غفلوا عن قوله تعالى " ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه لمثل ما اعتدى عليكم"
فإن كنا نستحل نساء الكفار واستخدامهم فسوف يستحلون نسائنا واستخدامنا قماذا لو استرق الكفار فقيها ممن قالوا هذا الكلام المجنون ؟ماذا لو استرقوا زوجته وبناته هل فى تلك الساعة يباح اغتصابهم أو الزنى معهن من قبل الكفار ؟
بالقطع لن يبيح ذلك فلماذا يبيح ذلك فى نساء الكفار؟