نقد كتاب آداب المواكلة للغزى
الكتاب تأليف أبو البركات الغزي والكتاب لا يتعلق بالروايات أو الآيات التى تتناول الحلال والحرام عند تناول الطعام وإنما هو يذكر عيوبا من الآكلين أو الداعين للأكل بعضها قد يكون حراما وبعضها قد يكون حلالا
الكتاب يتناول الأكل الجماعى الذى دعا أحدهم غيره لتناوله عنده والكتاب يعتبر من فن التعامل مع الأخرين المسمى الإتيكيت وكثير منه يقع ضمن معاملة المترفين وليس غيرهم
والعيوب التى ذكرها الغزى قد تقع من الداعى أو المدعو وفى المقدمة قال الغزى:
"هذه جملة من العيوب التي من علمها كان خبيراً بآداب المؤاكلة، وعدتها أحد وثمانون عيباً حسبما نقلناه مفرقاً، والله الموفق، وهي:
1-الحكاك: وهو الذي يحك رأسه وموضعاً في بدنه بعد غسل يده وقبل الأكل"
هذا الفعل ليس حراما فالحك يكون نتيجة وجود مرض بالجسم أو نتيجة لدغ أو لسع حشرة ما أو قذارة من عرق أو تراب وفى هذا قال تعالى "ولا على المريض حرج"
2-الزاحف:
وهو الذي إذا قدم الطعام زحف إلى المائدة قبل الجماعة، وربما كان الطعام لم يتكامل تصفيفه، أو كان رب المنزل مرتقباً حضور من يتوقعه، فإن زحف الحاضرون إلى المائدة بزحفه، فقد أسجل على نفسه بالنهم، وإن هم تثاقلوا عن موافقته بقي على المائدة وحده فيخجل، وربما كان الذي يتوقعه رب المنزل من إخوانه هو المقصود بذلك الطعام، فإذا حث على سبقه ثقل على رب المنزل موضعه"
السبق للطعام من جوع ليس عيبا فالدعوة من الداعى هى إذن للمدعو بالأكل سواء كان الطعام ناقص أم كامل وإنما التسابق للإستئثار ببعض الأطعمة هى الأمر المحرم
3--المجوع: وهو رب المنزل الذي ينتظر بمؤاكليه إدراك طعامه حتى يجيعهم
هذا الفعل حرام وهو تجويع الضيوف فالواجب هو إدخال الضيوف عند نضج الطعام كما قال تعالى "فإذا دعيتم فادخلوا"
وتجويع الضيوف هو حرج أى اذى حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
4- المشنع: وهو الذي يجعل ما ينفيه عن طعامه من عظام أو نوى تمر وغيره بين يدي جاره تشنيعاً عليه بكثرة الأكل"
نسبة الفعل للغير هى شهادة زور وهو ما حرمه البله بقوله "والذين لا يشهدون الزور"
وذكر الغزى طرفة مضحكة فى ذلك فقال:
" حكى أن متلاحيين حضرا على مائدة بعض الرؤساء، فقدم لهما رطب، فجعل أحدهما كلما أكل جعل النوى بين يدي الآخر حتى اجتمع بين يديه ما ليس بين يدي أحد من الحاضرين مثله؛ فالتفت الأول إلى رب المنزل، وقال: ألا ترى يا سيدنا ما أكثر أكل فلان الرطب! فإن بين يديه من النوى ما يفضل به الجماعة، فالتفت إليه صاحبه، وقال: أما أنا أصلحك الله فقد أكلت كما قال رطباً كثيراً، ولكن هذا الأحمق قد أكل الرطب بنواه، فضحك الجماعة وخجل المشنع"
5-المتثاقل: هو الذي يدعى فيجيب، ويوثق منه بالوفاء، ثم يتأخر عن الداعي الملهوف حتى يجيعه، ويجيع إخوانه، وينكد عليهم، فجزاء هذا بعد الاستظهار عليه بالحجج وإعادة الرسول إليه أن يستأثر الإخوان بالمؤاكلة دونه معتمدين بذلك الاستحقاق به ليؤدبوه إن كان فيه مسكة، أو ينبهوه إن كان له فطنة "
المدعو الذى يتأخر عن وقت الدعوة لتجويع الداعى ومن معه مذنب فى فعله فتجويع الداعى ومن معه هو حرج أى اذى حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
6-المدمع هو المتناول الطعام الحار، ولا يصبر عليه إلى أن يبرد، فيتناول اللقمة، فيخلف ظنه في احتمال حرارتها، فتدمع عيناه عند احتراق فمه، وربما اضطر إلى إخراجها من فيه أو إلى ابتلاعها بجرعة ماء بارد مهما يحصل من إحراقها معدته"
أى فعل فيه ضرر أى حرج للنفس أو الغير حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
وبعض من يتناول الطعام الساخن لتعوده عليه ليس بمذنب طالما لا يصيبه ضرر كما أن هناك طعام لا يتم تناوله إلا فى حالة السخونة كالمرق والمحاشى وبعضه يتم تناوله فى حالة البرودة كالمسقعة ومعظم الحلويات
7-المبلغ وهو الذي لا ينهنه اللقمة في فيه حتى يبلعها قبل تكامل طحنها فإن ذلك مع كونه من أكبر علامات الشره والنهم، يضر من وجهين: أحدهما: أن الطعام إذا لم يطحن بالأضراس ناعماً كان أقل تغذية وتقوية الثاني: تكليف المعدة هضم ما لا ينسحق وتنفصل أجزاؤه؛ وربما يغص فيحتاج لشرب الماء في أثناء الأكل وتزفير الإناء"
بلع اللقمة قبل طحنها ليس من علامات الشره فى كل الأحوال فالكثير من الناس يفعلون ذلك لانشغالهم بعمل ما بعد الأكل أو لأن الأضراس عندهم قد خلعت أو بها ألم وما قاله الغزى عن وجوب طحن الطعام كنوع من الحفاظ على الصحة صحيح
8-المقطع ويسمى القطاع، وهو الذي إذا تناول اللقمة بيده استكبرها، فعض على نصفها، ويعاود غمس النصف الآخر في الطعام ويأكله"
هذا الفعل ليس بمحرم إلا إذا علم المقطع أن بعض الجالسين معه قد يصاب بقرفة فلا يأكل أو يمتنع عن الطعام أما من تعودوا على هذا فهذا الفعل معهم مباح
9-المبعبع: هو الذي إذا أراد الكلام لم يصبر إلى أن يبلع اللقمة؛ لكنه يتكلم في حال المضغ فيبعبع كالجمل، ولا يكاد يتفسر كلامه، وخصوصاً مع كبر اللقمة"
لم يحرم الله الكلام مع الأكل طالما الكلام كان دعوة لخير أو نهى عن شر فالرسل(ص) كانوا يأكلون فى الأسواق والسوق يتطلب الكلام مع الأكل عند وجود صفقة ما وفى هذا قال تعالى :
"وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق"
10-المفرقع: هو الذي لا يضم شفتيه عند المضغ، فيسمع لأشداقه صوت من باب بيته؛ وربما ينتثر المأكول من أشداقه، والأدب أن لا يسمعه الأقرب إليه"
إحداث صوت عند الأكل غالبا ينتج من بعض الأطعمة التى تتطلب تكسيرا كالخبز الجاف أو الأطعمة المثلجة أو الساخنة وهذا الصوت ليس حراما لأنه ينتج نتيجة جفاف الطعام او سخونته او برودته أو حتى تقشيره بالفم
11-الرشاف: هو الذي يجعل اللقمة في فمه ويرشفها، فيسمع له ساعة البلع حساً لا يخفى على أحدٍ"
فعل السابق لا يختلف عنه إلا قليلا وهو وجود لعاب فى الفم نتيجة امتصاصه مع اللقمة يحدث صوتا وهو ليس بمحرم
12-الدفاع: هو الذي إذا جعل اللقمة في فيه أدخل معها بعض سبابته، كأنه يدفعها بها"
هذا الفعل ليس بمحرم إلا عند علم الكبير الذى يفعلها بأنها قد تنقل مرضا أو قذارة للبطن وهو يحدث نتيجة عادة غريبة لم ينهاه من رباه عنها وهى تحدث غالبا مع الرضع عندما يتناولون طعام
13-اللطاع: ويسمى اللحاس، وهو الذي يلحس أصابعه ليميط عنها ودك الطعام قبل أن يفرغ من الأكل، ثم يعيدها للطعام، أما بعد الفراغ فلا بأس به، على أن لا يعاود، وأفضل الحالين تعهد الأصابع بما تمسح به كل وقت كمئزر المائدة"
الرجل هنا يتحدث عن آداب المائدة عند المترفين الذين يجدون مآذر لمسح أيديهم وأما الغالبية العظمى من الناس فليس عندهم تلك الخرق ومن ثم فاللحس عندهم هو فعل مباح طالما ليس فيه ضرر
14-المعطاش: هو الذي إذا عطش، وفي فمه لقمة، لا يصبر حتى يبلعها، ثم يشرب، بل يمسكها في شدقه، ثم يشرب الماء، ثم يعاود إلى مضغها"
لا يوجد نص يحرم الشرب مع وجود الكل فى الفم وتناول المرق مع الأكل هو شرب مع أكل كما أن وضع الخبز فى المرق أو الأرز فى المرق هو بمثابة أكل وشرب معا وهو أمر لا يعيبه أحد
15-المعرض: هو الذي يعرض بذكر ما أخل به رب المنزل من الأطعمة، ولو في حكاية يوردها"
استحقار الداعى للطعام عن طريق استنقاص طعامه فى الكمية أو قلة أو زيادة الملح والسكر أو اللحم وما شابه ذلك هو فعل محرم والتعريض ليس من الأكل فى شىء ومن ثم لا يجب ذكره فى آداب المواكلة
16-النفاخ: هو الذي يتناول اللقمة الحارة فينفخها بفيه ابتغاء تبريدها، وكان سبيله الكف عن الطعام إلى أن يمكنه تناوله"
تبريد الطعام الساخن جائز طالما كان النفخ لا يتسبب فى تطاير لعاب النافخ فى بقية الأكل والمفترض فيمن يضع المائدة ألا يضع الطعام الساخن عليها إلا بعد أن يصلح للأكل دون تبريد
17-الممتد: هو الذي يأكل من صحفة بعيدة عنه، فيحتاج إلى مد باعه والتزحزح نحوها"
مد اليد إلى صنف من الطعام موضوع بعيدا مباح طالما لا يوجد هذا الصنف أمام ماد يده طالما اشتهته نفسه فكل ما يوضع أما الضيوف هو حق لهم وإن بعد عن أيديهم
18-الجراف هو الذي يضع اللقمة في جانب الزبدية، ويجرف بها إلى الجانب الآخر"
هذا الفعل محرم طالما قصد فاعله أخذ نصيب أكثر من صنف ما أو طالما قصد به أن يقرف أحدهم حتى يمتنع عن أكل هذا الصنف حتى يستأثر به هو
19-المزفر: هو الذي يستدعي الماء في حال الأكل ويتناول عروة الشربة، والأدب أن يسمح أصابعه بالمئزر نعما، ثم يتناول عروة الشربة بخنصره، أو يمسك كعبها، أو يتناول الشربة بالخنصرين والبنصرين جميعاً"
لم يحرم الله الشرب من الكوب أو الكوز فى الأكل ولم يطلب مسحه قبل مسكه بمئزر أو غيره فهذا من أفعال المترفين وهذا الأمر سبق مناقشته فى المعطاش
20-المدسم: هو الذي يملأ المحل بالدسم بتغميسه اللحم فيه
لم يحرم الله غمس اللحم فى الدسم
21-المغثي: وهو الذي يملأ ذقنه بالزفر لعدم ضبطه فمه أو يده عند وضعها في فمه، فترى الزفر، وقد قطر من شاربه، والذي منخره يتنحنح، فتارةً ينفخ، وتارةً ينشق وتارةً يتمخط"
هذا الفعل يعتبر محرما طالما كان يلوث الأطعمة بالشرب حيث قد يسقط الشعر أو المخاط أو غيره فى الأطباق والصحاف وهو ما قد يمرض الآكلين او يجعلهم يمتنعون عن الأكل
22-المقزز: هو الذي يتحدث على المائدة بما تشمئز نفوس مؤاكليه من سمعه، كمن يذكر أخبار المرضى والمسهولين والدمامل والقيح والقيء والبراز والمخاط ونحو ذلك؛ والذي يكثر من التمخط والتنهع والبصق ومسح العين إذا جلس على الأكل"
هذا النوع من الكلام محرم لأن الغرض منه فى الغالب إن لم يكن فى الكل المراد به أن يمتنع الحضور عن الأكل بسبب قرفهم فيقوم المتكلم بالأكل من الطعام كما يحب ويشتهى
22-العائب: هو الذي ينبه على بعض عيوب الطعام، فيقول: هذا شواء أحرقه الشواء، وهذه هريسة جيدة، لولا أنها سمراء، وهذا طبيخ كثير الملح أو قليل الحمض أو الحلو"
هذا الأمر سبق تناوله فى المعرض الذى يحقر الداعى بذكر عيوب طعامه
23-المستبد: هو الذي يستبد بالملعقة دون مؤاكليه أو بغيرها مما يجري هذا المجرى"
الاستئثار بصنف من الطعام لغير المرضى أو أداة هو أمر محرم فى الأكل
23-المهمل: هو الذي لا يراعي من بجانبه، والأدب أن يؤثره في بعض ما يستطاب من لحم ونحوه، وأن يعرض عليه الشرب قبله عند تناوله الشربة؛ وأما الرئيس فمن أدبه في المؤاكلة تقديم النوالات إلى مؤاكليه"
المفترض فى الطعام هو وضع مقادير متساوية تقريبا من كل صنف أمام كل مدعو وليس وضع أصناف مختلفة أمامهم وعند وجود طعام على هذا يجب على المدعوين أن يتقاسموا تلك الأصناف
24-الجملى: هو الذي لخشيته من تنقيط المرق على أثوابه يمد رقبته، ويتطاول إلى قدام كالجمل حتى ينقط ما يقطر من فيه على المائدة أو المئزر"
من ارتكب فعل كهذا ليس عيبا لأن الغرض منه هو منع أذى فسقوط المرق أو الماء أو العصير على المائدة أفضل من السقوط على الملابس التى يسير بها الإنسان أمام الناس خاصة لو سقطت فى مكان البول
25-الواثب: وهو الذي ينهض ويثب ويتحرك عند وضع اللقمة حتى يكاد تسقط عنه عمامته؛ ويسمى أيضاً بالمختل"
الأكل بالعمامة أمر مخالف للمتعارف عليه وهو التخفف من الملابس عند الراحة كما قال تعالى "وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة" ومن ثم فهذا الأمر خاص بصنف من الناس غالبا يكونون مترفين أو يعيشون فى بيئات حارة تحميهم فيها العمامة من ضربات الشمس
26-المخرب: هو الذي إذا أكل من صحفة لم يبق فيها إلا العظام؛ فإنه يأكل أي لحمةٍ رآها وأطايب الطعام، ولا يلتفت لغيره كأنما ليس عند الطعام غيره"
المفترض هو أن اى طعام يوضع أمام مدعو أن يأكله كله حتى يشبع وما جعله الله عيبا ليس بعيب إلا إذا تناول نصيب غيره
27-المصفف: وهو الذي يقوم ويتشمر عند حضور المائدة، ويصفف الصحاف والأطعمة يوهم أن هذا خدمة للحاضرين، وليس كذلك، بل لينظر في الألوان ليجعل الطيب في مكانه"
الاستئثار دون الأخرين بطعام ما هو محرم
28-الفضولي: وهو الذي لا يتمالك إذا رأى الخروف المشوي حتى يتناوله بيديه فيمزقه ويلقيه إرباً إرباً، ويظن أنه قد أحسن وبر بالحاضرين، وفي ذلك تثاقل على رب المنزل، وربما كان يؤثر أن ينفذ نصفه صحيحاً إلى من يريد، وهو - بالجملة - من العيوب؛ وربما يكون قصد فاعل ذلك ليجمع أحسن اللحم قدامه؛ وهو أيضاً من يبادر بتكسير الخبز ويطرحه في المائدة ولعل قصده بذلك ليجمع قدامه فضل الكسر؛ وهو أيضاً من يضع إبهارا وملحاً في الصحفة، فربما أفسدها على من يؤاكله منها لكثرة الملح، أو لكون مؤاكله لا يحب الملح أو يتناول المريء أو الخل ونحوه، فيصبه على الهريسة ونحوها؛ وربما يكون في الحاضرين من يكره ذلك لأنه لم يعتده، ونحوها؛ وربما يكون في الحاضرين من يكره ذلك لأنه لم يعتده، والأدب ألا يتجاوز إصلاح ما يأكله وحده؛ وقد يسمى المصفف أيضاً فضولياً"
هذا عيب محرم فالداعى هو من يقسم الطعام على الموجودين إلا إذا أذن لواحد منهم أن يقوم بهذا والمفروض ان من يضعون الطعام يقسمونه على الحاضرين بحيث لا يأخذ أحد أكثر من أحد
29-الطفيلي معروف: وهو من يحضر إلى الدعوة من غير أن يدعى، والتطفيل حرام"
التطفل حرام كما قال الغزى
30-الجردبيل: هو الذي إذا رأى في الخبز نقصاً يستغنمه، ويحمل منه كسرةً كبيرةً يجعلها له ذخيرةً ليأكلها بعد أن يفرغ"
لا يجوز استئثار أحد بشىء دون الحاضرين
31-المشغل وهو الذي يشغل رغيفاً ليمنع غيره من أكله؛ فإذا رأى الخبز قد نقص، أسرع في البلع، ولو كاد يغص
لا يجوز استئثار أحد بشىء دون الحاضرين
32-الملقو: هو الذي يأكل اللقمة الكبيرة، فترى من خارج فكه كالسلعة العظيمة، فيبقى فكه كالملقو، ولو صغر اللقم، لأمن ذلك وأتى بالسنة"
تصغير اللقم مطلوب
33-النهم: هو الذي يأكل لقماً داركاً، ويتأخر الجماعة عن المائدة وهو على حالة في الأكل؛ وربما يمضع بالشدقين، فلقمته بلقمتين!!
الإسراع فى الأكل ليس حراما فى كل الأحوال فالبعض يأكل سريعا نظرا لانشغاله بعمل ما بعد الأكل والبعض يأكل سريعا حرصا على أن يستأثر دون غيره بأكبر كميية من صنف ما أو أكثر فالحل والحرمة حسب النية كما قال تعالى "ولكن ما تعمدت قلوبكم"
وجعل الرجل الأفعال الثلاث القادمة حراما وهو تنويع على الإسراع فى الأكل وهو النهم وهى :
34-الناثر: وهو من قسم النهم، وهو من ينثر من النهم الخبز لقماً بين يديه
35-المسابق: وهو من قسم النهم أيضاً، وهو الذي يمسك في يده لقمةً قد أعدها قبل أن يمضغ التي في فمه، فلا يرى فكه خالياً عن مضغ، ولا يده خالية، وربما تكون عينه في لقمة أخرى
36-الصامت: وهو من قسم النهم أيضاً، وهو من لا يعود ينطق، بل يكب ويطرق على الأكل، ويشتغل بالمضغ والبلع وأخذ اللقم ووضعها متصلاً ذلك بلا انفصال
37-حاطب ليلٍ: هو الذي لا يستقصي تأمل ما يأكله؛ فربما أكل ذبابةً عساها تقع في الإناء، وهو لا يشعر، فيتغامز عليها الحاضرون؛ وإن أكل سمكاً لم يستقص تنقيته من العظام، فتراه في أكثر الأوقات، وقد نشب العظم في حلقه، وأشرف منه على مكروه، وقد ينشب أيضاً عظام الدجاج ونحوها ولا سيما الحمام والعصافير في الحلق، فيبقى مدة طويلة لا يستلذ بأكل ولا شرب"
هذا النوع أيضا من النهم وهو السرعة فهو يريد ذوق كل الأصناف بسرعة ولا حرمة فى التذوق وإنما الحرمة فىإضرار الآكل نفسه بعدم المضغ والتنقية
38-الصعب: وهو بضد حاطب ليلٍ، وهو من ينقي اللقمة في يده مما لا يحترز التنقية كقشور حمص، وعروق سلق، وغير ذلك؛ ويجعلها قدامه منتثرة
البطء فى الأكل ليس حراما وإنما الحرمة فى إطالة جلوس من معه على الأكل بسبب البطء منه فى الأكل
39-البحاث: وهو من يبحث الطعام، ويفرقه، وينظر في أجزائه حتى يغثي نفس من يراه، ويخطئ عقل من ينهاه"
لا يجوز تفتيش الأكل أمام الآكلين لتكريههم فى الأكل
40-البهات: هو الذي يبهت في وجه مؤاكليه حتى يبهتهم ويأخذ اللحم من بين أيديهم"
لا يجوز استئثار أحد بشىء دون الحاضرين
41-العابث: وهو من يعبث، قبل تكامل إحضار الطعام وأكل الناس، بالمائدة أو الزبدية ونحوها، كأن يصلحها، ويرمي شيئاً يجده عليها لا يجوز الرمي، وهذا من دناءة النفس، وسخافة العقل"
يحرم اللعب بالطعام وآلاته قبل تناوله لكون هذا نوع من إضرار النفس والغير وهو ما حرمه الله بقوله "وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
42-الحامد: وهو الذي يحمد الله تعالى جهراً في وسط الطعام؛ ولا سيما رب المنزل، فكأنه ينسب في ذلك إلى تنبيه الحاضرين على الكف عن الطعام "
حمد الله فى أثناء تناول الطعام حتى يترك الآكلين الأكل محرم لكونه إضرار بالآخرين حيث لم يتناولوا حاجاتهم من الطعام
43-المبقي: مثل ما حكي أن رجلاً دعا ضيفاً، فلما أحضر الطعام أحضر مع الطعام دجاجةٌ واحدةٌ، وفي جانب بيته ثلاث دجاجات سمان مسموطة معلقة، فكأنه أبقى عليها، أو صغرت همته عن طبخ كل ما حضر عنده؛ ومثل من يقدم طعاماً قليلاً لا يكفي الحاضرين، واللحم في داره معلق بإزاء إخوانه"
تقليل كمية الطعام المقدم للمدعوين رغم وجود غيره فى البيت معد للأكل محرم لكون إضرار بالمدعوين حيث يحرمهم من تناول الكمية المناسبة
44-المستظهر: مثل بعض الأغنياء، فإنه اعتذر بترك الاحتفال بعذر، فما حسن الاعتذار قط به إلا من مثله، فقال: ما يمنعني من الاحتفال إلا الاستظهار، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: أكره أن أحتفل فيتأخر عني من أدعوه عن عملٍ أو عائقٍ، فأكون قد تكلفت شيئاً لم أنتفع به"
حرمة عدم دعوة الغير ظنا أنهم لا يحضرون أو لا يحضر بعضهم فيكون قد أسرف فى عمل الطعام كما يظن\
45-المستهلك: هو الذي يهلك أضراسه بشرب الماء عقب الحلواء أو الماء الصادق البرد عقب الطعام الحار إلا من إبريق، وكذلك الشرب على الهرايس والأكارع ونحوها والفاكهة الرطبة"
هذا الأمر يحتاج لتجارب علمية فهلاك الضروس ليس بتلك الأسباب إلا أن يكون علم الطب قد أثبته فأكل وشرب الأصناف المختلفة خلف بعضها مباح
46-المحتمي: هو رب المنزل إذا صغر اللقم جداً، أو باعد بينها طويلاً"
هذا من أفعال البخل المحرم
47-المرنخ: هو الذي يرنخ اللقمة في المرق، فلا يبتلع اللقمة الأولى حتى تلين الثانية"
هذا فعل مباح ليس فيه حرمة
48-المملعق: هو الذي يتخذ من الخبز ملاعق يحتمل بها المرق، وقلما يسلم من تلويث ثيابه ولحيته"
هذا الفعل مباح فى بعض الأطعمة التى تطبخ بالمرق أو الماء كالملوخية والسبانخ فقد وجدنا الناس يأكلونها بالخبر الذى يستخدم كملاعق لحمل الطعام الممرق
49-المتطاول: هو الذي يلح بالنظر إلى ما بين يدي غيره من الطبائخ، فكأنه يتطاول إليها أو يتمناها"
النظر إلى الطعام مباح حتى لو كان أمام الغير طالما لم يوضع مثله أمام الناظر
50-المشيع: وهو من عينه إلى لقم الحاضرين وأكلهم، فعينه لأخذ ذا، وضم ذا، وبلع ذا، ومضغ ذا، ووضع ذا"
هذا فعل ليس من الأكل وإنما هو تجسس لنشر معايب الناس فى أكلهم وهو امر محرم
51-المتلفت: هو الذي لا يزال يتلفت إلى الناحية التي ينقل منها الطعام كأنه يتوقع طعاماً آخر، وإذا رفع الطعام بقي متلفتاً إلى صحفاته كأنه يشيعها بنظره كأنه لم يشبع"
التلفت لغير موضع الطعام فى بيوت الناس محرم
52- المنقط: معروف
التنقيط فى عرفنا هو سقوط نقط من المرق أو سوائل الطعام على المائدة أو الملابس أو غيرهم وهو أمر غالبا ما يكون دون إرادة الآكل
53-المرشش: هو الذي يتناول القطعة القوية من اللحم بيديه، ويروم قطعها، أو يلوي فخذ الدجاج ليفكه، فيرشش على جلسائه"
هذا الفعل مباح طالما لم يقصد به إضرار الآخرين فوقع دون إرادة ماسك اللحم أو الدجاج
54-الموسخ: هو الذي يوسخ الخبز الذي بين يديه، وثياب جلسائه، والسفرة، ونحو ذلك"
هذا الأمر لا يقع إلا من المجانين أو المصابين بمرض كالشلل الرعاش فإنه يقع دون إرادتهم فإن وقع من عاقل أو غير مريض فهو حرام
55-الضارب: ويسمى الدقاق، وهو الذي يضرب حرف المائدة أو السفرة، أو الملعقة بالعظم ليخرج مخه، فيرش أثواب جلسائه بالزفر؛ وربما حفر المائدة أو الملعقة، أو قطع السفرة"
هذا الفعل مباح طالما لم يقصد فاعله أن يؤذى غيره
56-المصاص: هو الذي لا يتمالك إذا رأى عظماً عن استخراج مخه ودقه ومصه، ويتبعه في الطعام"
هذا فعل مباح طالما كان أكل ما فى داخل العظام مباحا
57-الأكتع: وهو الذي لا يأكل إلا بفرد يد، بغير ضرورة، فهو يلوي الخبز عند كسره، وقد يفته بظفره"
إذا كان الإنسان قد تعود على هذا فهو أمر مباح
58-الموهم: وهو الذي إذا مد يده إلى الطعام يمد إصبعاً، يوهم أنه يأكل بالثلاث أصابع، وهو يجمع خلفها بالبقية وبكفه أيضاً"
لا حرمة فى تناول الطعام بأى طريقة بمد إصبع او أكثر طالما أن هذا لا يضر الآخرين
59-المتقيئ: وهو من يدخل في فمه يده عند وضع اللقمة إلى الأشاجع أو نحو ذلك، كأنه يتقيأ، وبعد أن يخرجها ينفضها في الأكل، أو يمسحها في البقل أو السفرة"
هذا فعل محرم لكونه يؤذى الأخرين
60-الموزع: وهو أيضاً فضولي، وهو الذي يفرق معظم الطعام على غلمان رب المنزل، وليس ذلك من أدب المؤاكلة، بل خلاف السنة؛ والسنة أيضاً ألا يطعم هرة ونحوها؛ فإن ذلك وظيفة رب المنزل"
هذا الفعل ليس بحرام طالما كان المودة بين صاحب البيت وبينه تسمح بهذا او طالما كانت عادة القوم أن يقوم كبيرهم بالتوزيع سواء كان هو رب البيت أو لا وإن كان الأفضل ان يقوم معد المائدة بتوزيع الطعام بالتساوى قبل أكل القوم
61-الموفر: هو الذي يحضر في أول طعامه ما يرخص عليه كالخل والبقل، ويطيل الأكل، ويؤخر إحضار الأطعمة الجيدة إلى أن يشبع الحاضرون مما هو دونها توفيراً لها"
هذا فعل محرم طالما وجد طعام أشهى فى البيت وجب تقديم بعضه للضيوف كالطعام الآخر
62-المحدث: هو رب المنزل يشاغل مؤاكليه بالحديث المتصل الذي يستدعي الجواب، ويلهيهم، بالإصغاء إليه، عن الأكل، وذلك معدود من اللؤمط
إلهاء الداعى الضيوف بالكلام عن الأكل أمر محرم لكون إطعامه لهم واجب عليه طالما دعاهم
63-المستأثر: هو رب المنزل يدعو رجلاً، فيؤاكله، ثم يغلب عليه النهم، فيستأثر بأطايب اللحم لطعام دونه، وإن اتفق أن الطعام لا يكفيهما جميعاً، كان شبعه أهم عنده من إشباع ضيفه"
استئثار الرجل بأصناف دون الآخرين أمر محرم فالطعام والشراب قسمة عدل بين الحاضرين
64-المتعدي: هو الذي يأكل ما بين يدي غيره:
هذا الفعل مباح طالما لم ترضع أصناف مثل ما أمام الآخر أمامه
65-اللفاف: هو الذي يلف لنفسه لفة بعد لفة من الخبز، كل واحدة نحو ثلث رغيف، ويعضها في عدة مرار، فهو بين الإخوان غير مستحسن إن فعله المرء لنفسه؛ لكن يحسن أن يعمله رب المنزل لغيره، وخصوصاً للنساء، فإن اعتماد ذلك معهن مما يقرب إليهن، وخصوصاً بعد امتناعهن عن الأكل"
هذا الفعل مباح طالما أنه لا يؤذى الغير خاصة أن البعض لا يأكل الطعام إلا ملفوفا كما تعود منذ الصغر
66-الغصاص: هو الذي يغفل عن إعداد الماء قبل الأكل، فإذا غص أحد مؤاكليه لا يجد ما يسقيه"
هذا الفعل يكون من باب النسيان ولا يكون متعمدا إلا نادرا جدا
67-النثار: هو الذي يفرط في القهقهة، واللقمة في فيه، فيشاهد جلساؤه ممضوغة داخل شدقه، ويتناثر منها ما انسحق"
الخطأ ليس على المقهقه وإنما على من أضحكه طالما علم أن الطعام سوف يتناثر من فمه إذا ضحك والأكل والضحك مباحين بشروطهم عند الله
68-البقار: هو الذي يخرج لسانه كالبقرة وقتاً بعد وقت للحس شفتيه، خارج فمه"
هذا فعل مباح لا ضرر فيه لأحد إلا أن يكون فى المجلس من يعرف أنه يكره الطعام فلا يأكل إذا شاهد أحد يفعل ذلك
69-الممتحن: ويسمى المحسس والمحتال، وهو الذي يضع إصبعه على لحمة ظاهرة، فإن رآها عظماً ضم إصبعه ومصها، يوهم أن الطعام حار وأنه لذعه، وإن رآها لحمة أخذها، ثم إن كانت كبيرة أكلها، أو صغيرة دفعها لجاره كأنه آثره بها"
كما سبق القول الطعام على المائدة قسمة عدل بين الحاضرين لا يجوز للبعض الاستئثار بشىء دون الآخرين
70-المحتال: هو الذي ينقل لحماً كثيراً على الولاء، ويضعه قدام من بجنبه ويقول له: كل يا سيدي، فيحتشم ويمتنع فيرجع هو يأكله، فهو حيلةٌ على حصول ذلك له"
نفس الكلام على الفعل السابق
71-المغالى : ويسمى المستغنم، هو الذي لا يقصد في أكله إلا الغالي الثمن، وإن كان مضراً، وإن كان غيره أطيب منه"
يحرم استئثار البعض بطعام أكثر غلوا من الآخرين
72-المفرق: وهو الذي يفرق اللحم والكباب في الطعام ليختفي عن أعين الأصحاب، ثم يغوص خلفها بالملعقة مسارعاً في أخذها خفيةً، ويسمى أيضاً المختلس
سبق تناول الفعل فى المصفف وغيره وأيضا تناوله فى التالى
73-المختلس: ويقال هذا الاسم أيضاً لمن يقرض اللحم قطعاً صغاراً، ثم يختلسها بين اللقم بحيث لا يدرى به ليحمل إليه من اللحم أيضاً، لظنهم أنه لم ينل منه"
وكل تلك الأفعال داخلة تحت الاستئثار بطعام دون الآخرين وهو أذى للآخرين
74-المعزل: هو الذي إذا شبع، وحضر طعام آخر، يتقيأ، ويأكل منه أيضاً"
هذا الفعل قليل الوقوع خاصة التقيؤ ولكنه البعض يأكل وبطنه ممتلىء رغبة فى تناول صنف ما وهو أمر محرم فهو نوع من الإسراف كما قال تعالى "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"
75-الموحش: هو رب المنزل الذي يحرد على غلمانه، أو يهدد الطباخ، أو يضرب في داره جاريةً أو غلاماً عند اجتماع ندمائه أو حضور مائدتهم"
سبق تناول الفعل تحت اسم المحدث وهو من يستغل الكلام لإلهاء المدعوين الطعام وغن زاد هنا فعل كضرب الخدم أو الأولاد
76-المتشكي: هو رب المنزل إذا اشتكى السنة وغلاء الأسعار، واعتذر إلى ضيفه بشدة ضيقه؛ وأقبح ذلك ما يكون في حال الأكل أو قبله "
التشكى ليس حراما طالما كانت الشكوى عامة فى المجتمع ولكن يستحسن عدم التحدث فى هذا الأمر على الطعام لأنه ربما يكبح شهوة بعضهم عن الأكل حزنا على غلاء الأسعار
77-المستأذن: هو الذي يستأذن ضيفه في إحضار الطعام "
هذا فعل ليس محرم فبعض الضيوف قد يكون له عادة فى الطعام ليست عادة أهل البيت فالبعض قد يأكل عند الظهيرة الغداء والبعض يؤخره لما بعد العصر ويكون الفعل محرما طالما عرف الداعى عادة الضيف فلا يجوز له أن يطلب الإذن منه لإحضار الطعام وإنما يحضره فى الوقت الذى تعود عليه الضيف
78-المغتنم: هو الذي إذا عرض عليه الرئيس غسل يده بحضرته تجملاً، اغتنم ذلك، وبادره؛ ولو أبى ذلك، وغلب الأدب لخف على القلب، واستفاد الحظوة، وأمن من التثقيل؛ فإن الإنسان لا يمكنه استقصاء الغسل والتنظيف في الأيدي والفم بحضرة الرئيس، وإن فعل ذلك بحضرته فإساءة أدب منه، فالأولى ستر ذلك"
هذا فعل مباح فلا مكانة زائدة لرئيس أو غيره فى الإسلام فقد طلب الله من رسوله(ص) أن يعلنها وهو رئيس القوم والمصطفى من الخلق أنه واحد منهم فقال "قل إنما أنا بشر مثلكم"
79-المتخلل: هو الذي يتخلل بأظفاره أو شعر لحيته ونحوه"
لا يجوز التخلل وهو إدخال الأظافر أو شعر اللحية أو الخيط لإزالة ما علق بالأسنان أثناء الطعام إلا أن يكون شيئا مؤلما لا يمكن احتماله فهو مباح